للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

وَقَدِمَ دِمَشْقَ بَعْدَ الخَمْسِ مائَةٍ، فَوَعَظَ بِهَا، وَأَخَذَ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ، فَلَمْ يَحْتَمِلْ لَهُ المَلِكُ طُغْتِكين، وَكَانَ نَحْويّاً فَقيراً، قَانِعاً، مُتَأَلِّهاً، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ رَسُوْلاً مِنَ المُسْترشدِ فِي شَأْنِ البَاطِنِيَّةِ، وَكَانَ حَنَفِيّاً سَلَفِيّاً.

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: جلَسْتُ مَعَهُ بُكرَةً إِلَى قَرِيْبِ الظُّهْرِ، وَهُوَ يَلُوكُ شَيْئاً، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ: نَوَاةٌ أَتَعَلَّلُ بِهَا، لَمْ أَجِدْ شَيْئاً (١) .

قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (٢) : كَانَ يَقُوْلُ الحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرّاً، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ.

قِيْلَ: دَخَلَ عَلَى الوَزِيْرِ الزَّيْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ خِلْعَةُ الوزَارَةُ، وَهُم يُهَنِّئونَهُ.

فَقَالَ: هُوَ ذَا يَوْمُ عزَاءٍ لاَ يَوْمَ هنَاءٍ.

فَقِيْلَ: وَلِمَ.

قَالَ: أُهَنِّئُ عَلَى لُبْسِ الحَرِيْرِ؟!

قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (٣) : حَدَّثَنِي الفَقِيْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عِيْسَى، سَمِعْتُ الزَّبِيْدِيُّ، قَالَ:

خَرَجْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ عَلَى الوَحْدَةِ، فآوَانِي اللَّيْلُ إِلَى جبلٍ، فَصعدتُ وَنَادَيتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اللَّيْلَةَ ضَيْفُكَ، ثُمَّ نُوْدِيْتُ مَرْحَباً بضيفِ اللهِ، إِنَّكَ مَعَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ تَمُرُّ بِقَوْمٍ عَلَى بِئرٍ يَأْكلُوْنَ خُبزاً وَتَمراً، فَإِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْ.

فَسِرْتُ مِنَ الغَدِ، فَلاَحَتْ لِي أَهدَافُ بِئرٍ، فَجِئْتُهَا، فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا قَوْماً يَأْكلُوْنَ خُبزاً وَتَمراً، فَدعُوْنِي، فَأَجبتُ.

قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ، وَيَعظُ، وَيسْمَعُ مَعَنَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنَ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ فَنّاً عَجِيْباً، وَكَانَ فِي أَيَّامِ المُسْترشِدِ،


(١) انظر " المنتظم " ١٠ / ١٩٨ و" معجم الأدباء " ١٩ / ١٠٧ و" بغية الوعاة " ١ / ٢٦٣.
(٢) في " المنتظم " ١٠ / ١٩٨.
(٣) في " المنتظم " ١٠ / ١٩٨.