للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِي: يَبْقَى أَبُوْك فِي الخِلاَفَة خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.

فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَرَأَيْتهُ قَبْل مَوْت أَبِي بِأَرْبَعَة أَشْهُرٍ، فَدَخَلَ بِي مِنْ بَاب كَبِيْر، ثُمَّ ارْتفعنَا إِلَى رَأْس جبل، وَصَلَّى بِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَلْبَسَنِي قمِيْصاً، ثُمَّ قَالَ لِي: قل: اللَّهُمَّ اهدنِي فِيْمَنْ هديت (١) .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (٢) : أَقر المُسْتَنْجِد أَربَاب الولاَيَات، وَأَزَال المُكُوْس وَالضّرَائِب.

وَنَقَلَ صَاحِب (الرَّوْضَتين (٣)) : أَنه كَانَ مَوْصُوَفاً بِالعَدْل وَالرّفق، وَأَطلق المُكُوْس، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَتركْ بِالعِرَاقِ مكساً، وَكَانَ شدِيداً عَلَى الْمُفْسدينَ، سجن عوَانِياً كَانَ يَسْعَى بِالنَّاسِ مُدَّة، فَبذل رَجُل فِيْهِ عَشْرَة آلاَف دِيْنَار.

قَالَ المُسْتَنْجِد: فَأَنَا أَبذل عَشْرَة آلاَف دِيْنَار لِتَأْتِينِي بآخر مِثْله أَحبسه.

قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ فِي (كَامِلِه (٤)) : كَانَ المُسْتَنْجِد أَسْمَر، تَامّ القَامَة، طَوِيْل اللِّحْيَة، اشتدَّ مَرضه، وَكَانَ قَدْ خَاف أُسْتَاذ الدَّار عضد الدَّوْلَة بن رَئِيْس الرُّؤسَاء، وَقَايمَاز المُقتَفَوِي كَبِيْرُ الأُمَرَاء، فَوَاضَعَا الطَّبِيْب عَلَى أَذِيَّته، فَوصف لَهُ الحَمَّام، فَامْتَنَعَ لضَعْفه، ثُمَّ أُدخل الحَمَّام، وَأُغلق عَلَيْهِ، فَتَلِفَ هَكَذَا، سَمِعْتُ غَيْر وَاحِد مِمَّنْ يَعلم الحَال.

قَالَ: وَقِيْلَ: إِنَّ الخَلِيْفَة كَتَبَ إِلَى وَزِيْره مَعَ ابْنِ صَفِيَّة الطَّبِيْب يَأْمره بِالقبض عَلَى قَايمَاز وَعضد الدَّوْلَة وَصَلْبهمَا، فَأَرَى ابْنُ صَفِيَّة الْخط لِعَضُدِ الدَّوْلَة، فَاجْتَمَعَ بقَايمَاز وَيَزْدَن،


(١) " المنتظم " ١٠ / ١٩٣.
(٢) في " المنتظم " ١٠ / ١٩٣.
(٣) ١٩٠، ١٩١، عن " الكامل " ١١ / ٣٦٢.
(٤) ١١ / ٣٦٠، ٣٦١.