للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَغسَّلتُهُ، وَرفعتُ يَدَهُ ليدخُلَ المَاءُ فِي مَغَابِنِهِ، فَسَقَطَ الخَاتمُ مِنْ يَدِهِ، حَيْثُ رَأَيْتُ ذَلِكَ الخَاتمَ، وَرَأَيْتُ آثَاراً بِجَسَدِهِ وَوَجهِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَسْمُوْمٌ، وَحُمِلَتْ جِنَازَتُهُ إِلَى جَامِعِ القَصْرِ، وَخَرَجَ مَعَهُ جَمْعٌ لَمْ نَرَهُ لمَخْلُوْقٍ قَطُّ، وَكثُرَ البُكَاءُ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ يَفعلُهُ مِنَ البِرِّ وَالعَدْلِ، وَرَثَتْهُ الشُّعَرَاءُ (١) .

قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ (الإِفصَاحِ عَنْ مَعَانِي الصِّحَاحِ) شَرَحَ فِيْهِ (صَحِيْحَي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ (٢) ، وَأَلَّفَ كِتَابَ (العِبَادَاتِ) عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَلَهُ أُرْجُوزَةٌ فِي (المَقصُوْرِ وَالمَمْدُوْدِ) ، وَأُخْرَى فِي (عِلمِ الخَطِّ) ، وَاختصرَ كِتَابَ (إِصْلاَحِ المَنطِقِ) لابْنِ السِّكِّيتِ (٣) .

وَقِيْلَ: إِنَّ الحَيْصَ بَيْصَ دَخَلَ عَلَى الوَزِيْرِ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: قَدْ نَظمتُ بَيْتَيْنِ، فَعزِّزْهُمَا:

زَارَ الخَيَالُ نَحِيْلاً مِثْلَ مُرْسِلِهِ ... فَمَا شَفَانِي مِنْهُ الضَّمُّ وَالقُبَلُ

مَا زَارَنِي الطَّيْفُ (٤) إِلاَّ كَي يُوَافِقَنِي ... عَلَى الرُّقَادِ فَيَنْفِيهِ وَيَرْتَحِلُ


(١) انظر بعض رثائه في " المنتظم " ١٠ / ٢١٧ و" طبقات " ابن رجب ١ / ٢٨٦، ٢٨٧.
(٢) قال ابن رجب: ولما بلغ فيه إلى حديث " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " شرحه، وتكلم على معنى الفقه، وآل به الكلام إلى ذكر مسائل الفقه المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين، وقد أفرده الناس من الكتاب، وجعلوه بمفرده مجلدة، وسموه بكتاب " الافصاح " وهو قطعة منه. " ذيل طبقات الحنابلة " ١ / ٢٥٢.
وقد طبع في حلب سنة ١٩٢٨ م نشره العلامة الأستاذ محمد راغب الطباخ رحمه الله.
(٣) انظر بقية تصانيفه في " طبقات " ابن رجب ١ / ٢٥٢، ٢٥٣، و" هدية العارفين " ٢ / ٥٢١.
قال ابن رجب: وقد صنف ابن الجوزي كتاب " المقتبس من الفوائد العونية " ذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين، وأشار فيه إلى مقاماته في العلوم، وانتقى من زبد كلامه في " الافصاح " على الحديث كتابا سماه " محض المحض ".
وانظر بعض شعره في " طبقات " ابن رجب ١ / ٢٨٠ - ٢٨٢.
(٤) في " وفيات الأعيان ": " قط " بدل " الطيف ".