للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ السَّمْعَانِيُّ: إِمَامٌ فَاضِلٌ، مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، لَهُ زَاويَةٌ بِجَامِعِ أَصْبَهَانَ، مُلاَزِمُهَا فِي أَكْثَرِ أَوقَاتِهِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ (١) الجُبَّائِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ بُكَاءً مِنَ الرُّسْتُمِيِّ.

وَقَالَ الجُبَّائِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَالار، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الرُّستمِيَّ يَقُوْلُ:

وَقفتُ عَلَى ابْنِ مَاشَاذَه وَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ وَهُوَ يَقُوْلُ لِي: يَا حسنُ، وَقفتَ عَلَى مُبْتَدِعٍ، وَنظرتَ إِلَيْهِ، وَسَمِعْتَ كَلاَمَهُ، لأَحرمَنَّكَ النَّظَرَ فِي الدُّنْيَا، فَاسْتيقظتُ كَمَا تَرَى (٢) .

قَالَ الجُبَّائِيُّ: كَانَتْ عَينَاهُ مَفْتُوْحتَينِ وَهُوَ لاَ يَنظرُ بِهِمَا.

قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ القَادِر الرُّهَاوِيُّ، وَقَالَ فِيْهِ: كَانَ فَقِيْهاً، زَاهِداً، وَرِعاً، بَكَّاءً، عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ، كَذَا قَالَ.

ثُمَّ قَالَ: وَحَضَرْتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى قَبْرِهِ أَفوَاجاً، وَأَملَى شَيْخُنَا الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى عِنْدَ قَبْرِهِ مَجْلِساً فِي مَنَاقِبِهِ، وَكَانَ عَامَّةُ فُقَهَاءِ أَصْبَهَانَ تَلاَمِذتَهُ، حَتَّى شَيْخُنَا أَبُو مُوْسَى عَلَيْهِ تَفَقَّهَ، وَكَانَ أَهْلُ أَصْبَهَانَ لاَ يَثِقُوْنَ إِلاَّ بِفَتوَاهُ، وَسَأَلنِي شَيْخُنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ عَنْ شُيُوْخِ أَصْبَهَانَ، فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: أَعْرفُهُ فَقِيْهاً مُتَنَسِّكاً.


(١) في الأصل: أبو عبد الله، وهو خطأ، وهو أبو محمد عبد الله بن أبي الحسن بن أبي الفرج الجبالي بضم الجيم وفتح الباء المعجمة بواحدة وتشديدها، نسبة إلى الجبة من أعمال طرابلس، وقد تصحفت في " المنتظم " ١٠ / ٢١٩ إلى " الحياني " بالحاء المهملة بعدها ياء مثناة تحتية، انظر " المشتبه " ١٢٧، و" تبصير المنتبه " ١ / ٢٨٨، وهو متوفى سنة ٦٠٥ هـ، ستأتي ترجمته في الجزء الحادي والعشرين ٢٥١.
(٢) سيذكر المؤلف خبرا آخر فيه أنه ذهبت عيناه من كثرة بكائه.