للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ:

قَالَ عَبْدُ الغَنِيّ المَقْدِسِيّ: سَأَلت السِّلَفِيَّ عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: أَنَا أَذْكُر قتلَ نِظَامِ المُلْكِ سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَلِي نَحْو عشر سِنِيْنَ، وَلَوْ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ عَلَى مَا يَقوله أَهْل مِصْرَ مَا كَانَ يَقُوْلُ: أَذْكُر قتلَ نِظَامِ المُلْكِ، فَيَكُوْن عَلَى مَا قَالُوْهُ عُمره ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَلَمْ تَجرِ العَادَة أَنَّ مَنْ سِنُّه هَكَذَا أَنْ يَقُوْلَ: أَذْكُر القِصَّةَ الفُلاَنِيَّةَ.

قَالَ: فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَن قَوْل الصَّفْرَاوِيّ تِلْمِيْذه أَقْرَب إِلَى الصّحَّة.

قُلْتُ: أَرَى أَنَّ الْقَوْلَيْنِ بعيدَان، وَهُمَا سَنَة اثْنَتَيْنِ، وَسَنَة ثَمَانٍ، فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ فِي أَوَّلهَا، وَقَدْ مرّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ ابْن سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَكْثَر أَوْ أَقلّ بِقَلِيْلٍ.

فَلَو كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَة اثْنَتَيْنِ، لَكَانَ ابْنَ عِشْرِيْنَ سَنَةً تَامَّة، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ، لَكَانَ قَدْ كَتَبُوا عَنْهُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَهَذَا بعيد جِدّاً، فَتعيّن أَنّ مَوْلِده عَلَى هَذَا يَكُوْن فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْس وَسَبْعِيْنَ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ جَاوَزَ المائَةَ بِلاَ تَرَدُّدٍ (١) .

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَعَ أَنَّا مَا علمنَا أَحَداً مُنْذُ ثَلاَث مائَة سَنَةٍ إِلَى الآنَ بلغَ المائَة -فَضْلاً عَنْ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهَا- سِوَى القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ: فَإِنَّهُ عَاشَ مائَة وَسَنَتَيْنِ.

قُلْتُ: هَذَا الكَلاَم لاَ يَدلُّ عَلَى نَفِي تَعمِيْر المائَة، بَلْ فِيْهِ اعترَاف فِي الطَّبَرِيّ -رَحِمَهُ الله- وَمَا قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ فَقَاله بِاجتهَاده، وَمَا تُوبع عَلَيْهِ، بَلَى خُولف.

وَقَدْ كُنْت أَلّفْت جُزْءاً كَبِيْراً فِيْمَنْ جَاوَزَ المائَةَ مِنَ المَشَايِخ (٢) ، وَمِنْهُم:


(١) لذا ذكره الذهبي في (أهل المئة فصاعدا) (المورد م: ٣، عدد: ٣، ص: ١٣٤) .
(٢) حققه ونشره الدكتور بشار عواد معروف في مجلة المورد البغدادية (م: ٣ عدد: ٣ سنة ١٩٧٣.
وذكر الدكتور بشار في رده على محققة الجزء الأول من (معجم السفر) أن قول ابن =