للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَلْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ، البَاطِنِيُّ، صَاحِبُ الدَّعوَةِ النِّزَارِيَّةِ.

كَانَ ذَا أَدبٍ وَفضِيْلَةٍ، وَنظَرٍ فِي الفَلْسَفَةِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَفِيْهِ شَهَامَةٌ وَدهَاءٌ وَمكرٌ وَغَوْرٌ، فَذَكَر رَسُوْلٌ لَهُ وَهُوَ سَعْدُ الدِّينِ عَبْدُ الكَرِيْمِ، قَالَ: حَكَى الشَّيْخُ سنَانٌ قَالَ: وَردْتُ الشَّامَ، فَاجتزْتُ بِحَلَبَ، فَصَلَّيْتُ العصرَ بِمشهدٍ عَلَى ظَاهِرِ بَابِ الجنانِ، وَثَمَّ شَيْخٌ مُسِنٌّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ الشَّيْخُ؟

قَالَ: مَنْ صِبيَانِ حلبَ.

قُلْتُ: الدَّعوَةُ النِّزَارِيَّةُ (١) نسبَةٌ إِلَى نزَارِ ابْنِ خَلِيْفَة العُبَيْدِيَّةِ المُسْتَنْصِرِ (٢) ، صَيَّرَهُ أَبُوْهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ (٣) ، وَبثَّ لَهُ الدُّعَاةَ، فَمنهُم صَبَّاحٌ جدُّ أَصْحَابِ الْأَلْمُوتِ، أَحَدُ شيَاطينِ الإِنْسِ، ذُو سَمْتٍ، وَذلقٍ (٤) ، وَتَخَشُّعٍ، وَتنَمُّسٍ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ.

دَخَلَ الشَّامَ وَالسَّوَاحِلَ فِي حُدُوْدِ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مرَامُهُ، فَسَارَ إِلَى العَجَمِ، وَخَاطبَ الغُتْمَ (٥) الصُّمَّ، فَاستجَابَ لَهُ خَلْقٌ، وَسَلَخَهُم، وَحَلَّهُم، وَكثرُوا، وَأَظهرُوا شغلَ السِّكِّين، وَالوثَوْبَ عَلَى الكِبَارِ، ثُمَّ قصدَ قَلْعَةَ الْأَلْمُوتِ بقَزْوِيْنَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ بِأَيدِي قَوْمٍ شجعَان، لَكنَّهُم جهلَةٌ فُقَرَاءُ، فَقَالَ لَهُم: نَحْنُ قَوْمٌ عُبَّادٌ مسَاكينُ،


= فيها القول على نشأة الدعوة النزارية وتطورها (نسخة أحمد الثالث ٢٩١٧ / ١٤) ، وانظر: العبر: ٤ / ٢٦٩.
(١) انظر تاريخ الدولة الفاطمية لاستاذنا المرحوم حسن إبراهيم حسن: ص ٣٦٧ فما بعد (ط (٣) القاهرة ١٩٦٤) ، ومادة (الموت) في دائرة المعارف الإسلامية: ٤ / ٣٧١ فما بعد.
(٢) مات المستنصر العبيدي سنة ٤٨٧ كما هو مذكور مشهور في تواريخ عصره.
(٣) في الأصل و (ب) : (عدة) لعلها من سبق القلم، وفي (تاريخ الإسلام) : (وكان نزار قد بايع له أبوه وبث له الدعاة) .
(٤) في الأصل: (دلق) بالمهملة، ولا يستقيم المعنى بها.
(٥) الغتم: جمع أغتم، وهو الذي لا يفصح شيئا.
وفي (تاريخ الإسلام) : وتكلم مع أهل الجبال والغتم الجهلة من تلك الاراضي.