للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمَلَّكَ دِمَشْقَ، ثُمَّ حَارَبَهُ العَزِيْزُ أَخُوْهُ، وَقَهَرَهُ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ العَزِيْزُ، أَسْرَعَ الأَفْضَلُ إِلَى مِصْرَ، وَنَابَ فِي المُلْكِ، وَسَارَ بِالعَسْكَرِ المِصْرِيِّ، فَقصد دِمَشْق، وَبِهَا عَمُّه العَادل، قَدْ بَادرَ إِلَيْهَا مِنْ مَارْدِيْن قَبْل مجِيْء الأَفْضَل بيَوْمَيْنِ، فَحَصَرَهُ الأفضلُ، وَأحرق الحوَاضر وَالبسَاتين، وَعَمِلَ كُلّ قَبِيح، وَدَخَلَ البَلَد، وَضجَّتِ الرَّعِيَّة بشعَاره، وَكَانَ مَحْبُوباً، فَكَادَ العَادلُ أَنْ يَسْتَسلِمَ، فَتمَاسك، وَشدَّ أَصْحَابه عَلَى أَصْحَابِ الْأَفْضَل، فَأَخرجُوْهُم، ثُمَّ قَدِمَ الظَّاهِر وَمَعَهُ صَاحِب حِمْص، وَهمُّوا بِالزّحف، فَلَمْ يَتَهَيَّأَ أَمرٌ، ثُمَّ سَفُل أَمر الأَفْضَل، وَعَاد إِلَى صَرْخَدُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى سُمَيْسَاط، وَقنَع بِهَا، وَفِيْهِ تَشيّع بِلاَ رفض.

وَلَهُ نَظْمٌ وَفضِيْلَة، وَإِلَيه عهد أَبُوْهُ بِالسلطنَة لمَا احتُضِر، وَكَانَ أَسنّ إِخْوَته، وَهُوَ القَائِلُ فِي عَمّه العَادل:

ذِي سنَّةٍ بَيْنَ الأَنَامِ قَدِيْمَةٍ ... أَبَداً أَبُو بَكْرٍ يَجُورُ عَلَى عليّ

وَقَدْ كتب مِنْ نَظمه إِلَى الخَلِيْفَة النَّاصِر -وَفِي النَّاصِر تَشيّع-:

مَوْلاَيَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَاحِبَهُ ... عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا (١) بِالسَّيْفِ حقَّ عَلِي

وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلاَّهُ وَالِدُه ... عَلَيْهِمَا وَاسْتقَامَ الأَمْرُ حِيْنَ وَلِي

فَخَالفَاهُ وَحَلاَّ عَقْدَ بَيْعَتِهِ ... وَالأَمْرُ بَيْنهُمَا وَالنَّصُّ فِيْهِ جَلِي

فَانظر إِلَى حَظِّ هَذَا الاسْم كَيْفَ لقِي ... مِنَ الأَوَاخِرِ مَا لاَقَى مِنَ الأُوَلِ

فَأَجَابوهُ مِنَ الدِّيْوَان:

وَافَى كِتَابُكَ يَا ابْنَ يُوْسُفَ مُعْلِناً ... بِالودِّ يُخْبِرُ أَنْ أَصْلَكَ طَاهِرُ


= ٢٣ - أيا صوفيا ٣٠١٢)
(١) في الأصل: (عصيا) والتصحيح من (تاريخ الإسلام) ، وابن خلكان.