للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِضَاعَةٍ، أَيْنَ قُسٌّ مِنْ فَصَاحتِهِ، وَقيسٌ (١) فِي حَصَافتِهِ، وَمَنْ حَاتِمٌ وَعَمْرٌو فِي سمَاحتِهِ وَحمَاستِهِ (٢) ، لاَ مَنَّ فِي فَعلِهِ، وَلاَ مَيْنَ فِي قَوْلِهِ، ذُو الوَفَاءِ وَالمُروءةِ وَالصَّفَاءِ وَالفتوَّةِ، وَهُوَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ الَّذِيْنَ خُصُّوا بِالكرَامَةِ، لاَ يَفترُ مَعَ مَا يَتولاَّهُ مِنْ نوَافلِ صَلاَتِهِ، وَنوَافلِ صِلاَتِهِ، يَتلو كُلَّ يَوْمٍ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

وَأَنَا أُوثِرُ أَنْ أُفرِدَ لنظمِهِ وَنثرِهِ كِتَاباً.

قِيْلَ: كَانَ القَاضِي أَحَدبَ، فَحَدَّثَنِي شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَاضِلِيُّ (٣) أَنَّ القَاضِي الفَاضِلَ ذهبَ فِي الرُّسليَّةِ إِلَى صَاحِبِ المَوْصِلِ، فَأُحْضِرَتْ فَوَاكهُ، فَقَالَ بَعْضُ الكِبَارِ مُنَكِّتاً: خيَارُكُم أَحَدبُ، يُوَرِّي بِذَلِكَ.

فَقَالَ الفَاضِلُ: خَسُّنَا خَيْرٌ مِنْ خيَارِكُم.

قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ (٤) : رَكَنَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ رُكُوناً تَامّاً، وَتَقدَّمَ عِنْدَهُ كَثِيْراً، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ، وَلَهُ آثَارٌ جَمِيْلَةٌ، تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سَابعِ رَبِيْعٍ الآخَرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتسعِينَ وَخَمْسِ مائَةٍ.


(١) في (الخريدة) : وأين قيس.
(٢) في (الخريدة) : وحماسته.
فضله بالافضال حال، ونجم قبوله في أفق الاقبال عال، لا من في فعله، ولا مين في قوله، ولا خلف وعده، ولا بطء في رفده، الصادق الشيم، السابق بالكرم، ذو الوفاء والمروءة، والصفاء والفتوة، والتقى والصلاح، والندى والسماح، منشر رفات العلم وناشر راياته، وجالي غيابات الفضل وتالي آياته، وهو من أولياء الله الذين خصوا بكرامته، وأخلصوا لولايته، قد وفقه الله للخير كله، وفضل هذا العصر على الاعصار السالفة بفضله ونبله، فهو مع ما يتولاه من أشغال المملكة الشاغلة ومهامه المستغرقة في العاجلة لا يغفل عن الآجلة ... الخ.
(٣) هو شيخ القراء جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن داود العسقلاني ثم الدمشقي الفاضلي المتوفى سنة ٦٩٢ وكان من شيوخ الذهبي البارزين في القراءات، وكان متصدرا للاقراء بتربة أم الصالح (الذهبي: (معجم الشيوخ) : ١ / الورقة: ٢٧، و (معرفة القراء) : ٥٦٢ -
٥٦٣، وابن الجزري في (غاية النهاية) : ٢ / ٧١.
(٤) (التكملة) ، الترجمة: ٥٢٦.