للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (١) : كَانَ زَاهِداً، عَفِيْفاً، وَرِعاً، نَزِهاً، لاَ تَأْخذه فِي اللهِ لُوْمَة لاَئِم، اتَّفَقَ أَهْلُ دِمَشْقَ عَلَى أَنَّهُ مَا فَاتته صَلاَة بِجَامِع دِمَشْق فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ إِذَا كَانَ مَرِيْضاً، ثُمَّ سَاق حِكَايَات مِنْ مَنَاقِبه وَعدله فِي قضَايَاه، وَأُتِيَ مرَّة بِكِتَاب، فَرمَى بِهِ، وَقَالَ: كِتَابُ اللهِ قَدْ حكم عَلَى هَذَا الكِتَاب، فَبَلَغَ العَادل قَوْله، فَقَالَ: صدق، كِتَاب اللهِ أَوْلَى مِنْ كِتَابِي، وَكَانَ يَقُوْلُ لِلْعَادل: أَنَا مَا أَحكم إِلاَّ بِالشّرع، وَإِلاَّ فَأَنَا مَا سَأَلتك القَضَاء، فَإِنْ شِئْت فَأَبصر غَيْرِي.

قَالَ أَبُو شَامَةَ: ابْنه العِمَاد هُوَ الَّذِي أَلحّ عَلَيْهِ حَتَّى تَولَّى القَضَاء.

وَحَدَّثَنِي ابْنه، قَالَ: جَاءَ إِلَيْهِ ابْن عُنَيْن، فَقَالَ: السُّلْطَان يُسلّم عَلَيْك وَيُوْصِي بِفُلاَن، فَإِنَّ لَهُ محَاكمَة.

فَغَضِبَ، وَقَالَ: الشّرع مَا يَكُوْن فِيْهِ وَصيَّة.

قَالَ المُنْذِرِيّ (٢) : سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ مَهِيْباً، حَسَن السّمت، مَجْلِسه مَجْلِس وَقَار وَسَكِيْنَة، يُبَالِغ فِي الإِنصَات إِلَى مَنْ يَقرَأ عَلَيْهِ.

تُوُفِّيَ: فِي رَابع (٣) ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ، وَهُوَ فِي خَمْس وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.

وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة الشَّيْخ العِمَاد المَقْدِسِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ وَاجِب البَلَنْسِيّ، وَالشَّيْخ ذِيَال الزَّاهِد، وَالمُحَدِّث عَبْد اللهِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُثْمَانِيّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن صَالِحِ بنِ ريْدَان المِسكِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُبَيْرٍ الكِنَانِيّ، وَالمُعَمَّر مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ سَعَادَةَ


(١) يعنى سبط ابن الجوزي، والذهبي يتصرف.
(٢) ٢ / الترجمة: ١٥٦٨.
(٣) هذا ما ذكره المنذري، وأما ياقوت في " معجم البلدان " وابن نقطة في " التقييد " فإنهما ذكرا أنه توفي في الخامس من الشهر.