للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوْلِدُهُ: بِالقَصْر مِنَ القَاهِرَة، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

وَنَشَأَ بِدِمَشْقَ، وَحفظ القُرْآن، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَعُنِي (بِالجَامِع الكَبِيْر) ، وَصَنَّفَ لَهُ شرحاً كَبِيْراً بِمعَاونَة غَيْره، وَلاَزَمَ التَّاج الكِنْدِيّ، وَتردّد إِلَيْهِ إِلَى درب الْعَجم مِنَ القَلْعَة، وَتحت إِبطه الكِتَاب، فَأَخَذَ عَنْهُ (كِتَاب سِيْبَوَيْه) ، وَكِتَاب (الحُجَّة فِي القِرَاءات) ، وَ (الحمَاسَة) ، وَحفظ عَلَيْهِ (الإِيضَاح) ، وَسَمِعَ (مُسند الإِمَامِ أَحْمَد بنِ حَنْبَلٍ) ، وَلَهُ (دِيْوَان شعر) سَمِعَهُ مِنْهُ القُوْصِيّ فِيمَا زَعَمَ.

وَلَهُ مصَنّف فِي الْعرُوض، وَكَانَ رُبَّمَا لاَ يُقيم الْوَزْن، وَكَانَ يَتعصّب لمَذْهَبه، قَدْ جَعَلَ لِمَنْ عرض (المُفَصّل) مائَة دِيْنَارٍ صُوْرِيّة وَلِمَنْ عرض (الجَامِع الكَبِيْر) مائَتَيْ دِيْنَار (١) .

وَحَجّ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَأَنشَأَ البِرَك، وَعَمِلَ بِمُعَان دَار مَضيف وَحمَّاماً.

وَكَانَ يَبحث وَيُنَاظر، وَفِيْهِ دَهَاء وَحزم، وَكَانَ يُوْصَف بِالشَّجَاعَة وَالكرم وَالتَّوَاضع؛ سَاق مرَّة إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة فِي ثَمَانِيَة أَيَّام عَلَى فَرَس وَاحِد، وَاعد القُصَّاد وَأَصْحَاب الأَخْبَار، وَكَانَ عَلَى كَتِفِهِ الفِرَنْج، فَكَانَ يظلم، وَيدير ضمَان الخَمْر لِيَسْتَخْدِمَ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَرْكَب وَحْدَه مرَاراً ثُمَّ يَلحقه ممَاليكه يَتطَاردُوْنَ، وَكَانَ يُصَلِّي الجُمُعَة فِي تربَة عَمّه صَلاَح الدِّيْنِ، ثُمَّ يَمْشِي مِنْهَا يَزور قَبْر أَبِيْهِ.

قَرَأْت بِخَطّ الضِّيَاء الحَافِظ: كَانَ المُعَظَّم شُجَاعاً فَقِيْهاً يَشرب الْمُسكر، وَأَسّس ظلماً كَثِيْراً، وَخرب بَيْت المَقْدِسِ.

وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (٢) : وَكَانَ عَالِماً بِعِدَّة عُلُوْم، نَفق سُوْق العِلْم فِي أَيَّامِهِ،


(١) هذا ليس من التعصب، بل هو من الاحترام والتقدير.
(٢) الكامل: ١٢ / ١٩٥.