للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخدمَة الرّكبدَار، وَحَمَلَ مَدَاسه سِتَّة أَشْهُرٍ، وَكَانَتِ الطّرق آمِنَة فِي زَمَانِهِ لِهَيْبَتِهِ، وَقَدْ بَعَثَ ابْنه المَسْعُوْد، فَافْتَتَحَ اليَمَن، وَجَمَعَ الأَمْوَال، ثُمَّ حَجَّ، فَمَاتَ، وَحُمِلت خَزَائِنه إِلَى الكَامِل.

قَالَ البَهَاء زُهَيْر (١) :

وَأُقْسِمُ إِنْ ذَاقَتْ بَنُو الأَصْفَرِ الكَرَى ... لَمَا حَلُمَتْ إِلاَّ بِأَعْلاَمِكَ الصُّفْرِ

ثَلاَثَة أَعْوَامٍ أَقَمْتَ وَأَشْهُراً ... تُجَاهِدُ فِيْهِ لاَ بِزَيْدٍ وَلاَ عَمْرو

قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: اسْتَوْزَر صَفِيّ الدِّيْنِ أَوَّلاً، فَلَمَّا مَاتَ، لَمْ يَسْتَوْزِر أَحَداً، كَانَ يَتولَّى الأُمُوْر بِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَهِيْباً، حَازِماً، مدبّراً، عَمَرت مِصْر فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَسَائِل مِنَ الفِقْه وَالنَّحْو يُوردهَا، فَمَنْ أَجَابَ فِيْهَا، حظِي عِنْدَهُ، وَجَاءته خلع السّلطنَة عَلَى يَد السُّهْرَوَرْدِيّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَالتقليد بِمِصْرَ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، وَهِيَ: جُبَّة وَاسِعَة الكُم بِطرز ذهب، وَعِمَامَة، وَطوق وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَمِنْ همّته أَنَّ الفِرَنْج لَمَّا أَخذُوا دِمْيَاط (٢) ، أَنشَأَ عَلَى برِيْد مِنْهَا مدينَة المَنْصُوْرَة، وَاسْتوطنهَا مُرَابِطاً حَتَّى نَصره الله، فَإِنَّ الفِرَنْج طمعُوا فِي أَخْذِ مِصْر، وَعَسْكَرُوا بِقُرْبِ المَنْصُوْرَة، وَالْتَحَمَ القِتَال أَيَّاماً، وَأَلحّ الكَامِل عَلَى إِخْوَته بِالمجِيْء، فَجَاءهُ أَخوَاهُ الأَشْرَف وَالمُعَظَّم فِي جَيْش لجب، وَهَيْئَة تَامَّة، فَقوِي الإِسْلاَم، وَضَعفت نُفُوْس الفِرَنْج، وَرسلهُم تَتردد، وَبَذَلَ لَهُم الكَامِل قَبْل مجِيْء النّجدَة القُدْس وَطبرِيَّة وَعَسْقَلاَن وَجبلَة


(١) انظر ديوانه.
(٢) انظر تفاصيل ذلك في الكتب المستوعبة للعصر، ومنها مرآة الزمان (٨ / ٦٠٣ فما بعد) ، والحوادث من تاريخ الإسلام، والنجوم (٦ / ٢٣٨ - ٢٤٤) وغيرها.