للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالأُمَرَاءُ مشَاةٌ، فَعذَّبَ الوَزِيْر ابْن حديدَة، وَصَادرَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ خَبَرُهُ بِمَرَاغَةَ.

وَأَغَارتِ الأَرمنُ عَلَى نوَاحِي حَلَبَ، وَكبسُوا العَسْكَرَ، وَقَتَلُوا فِيهِم، فَسَارعَ الظَّاهِرُ، وَقصدَ ابْنَ لاَون، فَفَرَّ إِلَى قلاعِهِ.

وَسَلَّمَ خُوَارِزْم شَاه بلدَ تِرْمِذَ إِلَى الخَطَا مَكِيدَةً، ليتمكَّنَ مِنْ تَملُّكِ خُرَاسَانَ.

وَفِيْهَا وُجِدَ بِإِرْبِلَ خروفٌ وَجهُهُ وَجهُ آدَمِيٍّ.

وَسَارَ صَاحِبُ الرَّيِّ إِيدغمش، فَافْتَتَحَ خَمْسَ قلاعٍ لِلإسْمَاعِيليَّةِ، وَصمَّمَ عَلَى أَخْذِ ألموتَ، وَاسْتِئصَالهُم، وَكَانَتْ خُرَاسَانُ تَموجُ بِالحُرُوْبِ.

وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: قصدَ خوَارم شَاه الخَطَا فِي جَيْشٍ عَظِيْمٍ، فَالتَقَوا، وَتَمَّتْ بَيْنهُم مصَافَّاتٌ، ثُمَّ وَقعَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَأُسِرَ السُّلْطَانُ وَأَمِيْرٌ مِنْ أُمَرَائِهِ، فَأَظهرَ أَنَّهُ مَمْلُوْكٌ لِلأَمِيْرِ، فَبقِي الَّذِي أَسَرَهُمَا يَحترمُ الأَمِيْرَ.

فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُقَرِّرَ عليَّ مَالاً، وَأَبعثُ مَمْلُوْكِي هَذَا حَتَّى يَحضرُ المَالُ، فَانخدعَ الخطائِيُّ، وَسيَّبَ المَمْلُوْكَ، وَمَعَهُ مَنْ يَخْفُرُهُ وَيَحفظُهُ إِلَى خُوَارِزْم، فَنجَا السُّلْطَانُ، وَتَمَّتِ الحيلَةُ، وَزُيِّنَتِ البِلاَدُ.

ثُمَّ قَالَ الخطائِيُّ لذَاكَ الأَمِيْرِ: قَدْ عُدِمَ سُلْطَانُكُم.

قَالَ: أَومَا تَعرفُهُ؟

قَالَ: لاَ.

قَالَ: هُوَ مَمْلُوْكِي الَّذِي رَاحَ.

قَالَ الخطائِيُّ: فَسِرْ بِنَا إِلَى خِدْمَتِهِ، وَهلاَّ عَرَّفْتَنِي حَتَّى كُنْتُ أَخدمُهُ (١) !؟ وَكَانَ خُوَارِزْم شَاه مُحَمَّد قَدْ عَظُمَ جِدّاً، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَتحتَ يَدِهِ مُلُوْكٌ وَأَقَالِيمُ.


(١) هذه إعادة لما ذكره المؤلف في ترجمته من " السير ".