للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبُوْيِعَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ، وَخُطِبَ لَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَاسْتمرَّ ذَلِكَ سِنِيْنَ، ثُمَّ خَلَعَهُ أَبُوْهُ، وَوَلَّى عَلِيّاً أَخَاهُ العَهْدَ، فَدَامَ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ عَلِيٌّ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، فَاحتَاجَ أَبُوْهُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى العَهْدِ، وَقَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَ النَّاصِرِ، وَلَمْ يُطوِّلْ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) بِإِجَازتِهِ مِنْ وَالِدِهِ.

قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الجِيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا الظَّاهِرُ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَبِي كِتَابَةً، عَنْ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.

قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (١) : وَلِيَ، فَأَظهرَ العَدْلَ وَالإِحسَانَ، وَأَعَادَ سُنَّةَ العُمَرَيْنِ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيْلَ: مَا وَلِيَ بَعْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِثْلَهُ لَكَانَ القَائِلُ صَادِقاً، فَإِنَّهُ أَعَادَ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَملاَكِ المغصوبَةِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَأَطلقَ المُكُوسَ فِي البِلاَدِ جَمِيْعِهَا، وَأَمرَ بِإِعَادَةِ الخَرَاجِ القَدِيْمِ فِي جَمِيْعِ العِرَاقِ، وَبإِسقَاطِ مَا جدَّدَهُ أَبُوْهُ، وَكَانَ لاَ يُحصَى (٢) ، فَمِنْ ذَلِكَ بَعْقُوبَا خرَاجهَا القَدِيْم، عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَأُخِذَ مِنْهَا زَمَنَ أَبِيْهِ ثَمَانُوْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ، فَرَدَّهَا، وَكَانَ سَنْجَةَ (٣) الخزَانَةِ، تَرْجح نِصْفَ قِيْرَاطٍ فِي المثقَالِ، يَأْخذُوْنَ بِهَا وَيُعطَونَ العَادَة، فَأَبطلَهُ، وَوَقَّعَ: {وَيلٌ لِلمطفِّفِيْنَ} (٤) ، وَقَدِمَ صَاحِبُ الدِّيْوَانِ مِنْ وَاسِطَ بِأَكْثَرَ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ ظُلْماً، فَرَدَّهَا عَلَى أَربَابِهَا، وَنفَّذَ إِلَى الحَاكِمِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ لِيُوَفِّيَهَا عَنِ المحبوسينَ، وَكَانَ يَقُوْلُ:

أَنَا قَدْ فَتحْتُ الدُّكَّانَ بَعْدَ العصرِ (٥) ، فَذرُوْنِي أَفْعَلِ الخَيْرَ، فَكم بَقِيْتُ أَعيشُ.

وَقَدْ أَنفقَ وَتَصدَّقَ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ،


(١) الكامل: ١٢ / ١٨٨.
(٢) كان ابن الأثير - رحمه الله - سيء الظن بالخليفة الناصر لدين الله.
(٣) السنجة أو الصنجة: عيار السكة.
(٤) المطففين / ١.
(٥) أي أنه ولي الخلافة على كبر السن.