للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالغَرِيبينِ، لَهُ يَدٌ فِي الطِّبِّ، سَمِعَ (سُنَنَ ابْنِ مَاجَه) ، وَ (مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ) مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَسَمِعَ (صَحِيْحَ الإِسْمَاعِيْلِيِّ) جَمِيْعَهُ مِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ ...

إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ يَنْتقلُ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى حَلَبَ، وَمرَّةً سَكَنَ بِأَرزنكَانَ وَغَيْرِهَا.

قَالَ المُوَفَّقُ عَنْ نَفْسِهِ: سَمِعْتُ الكَثِيْرَ، وَكُنْتُ أَتلَقَّنُ وَأَتعلَّمُ الخطَّ، وَأَحْفَظُ المَقَامَاتِ، وَالفَصِيْحَ، وَ (دِيْوَانَ المُتَنَبِّي) ، وَمُخْتَصَراً فِي الفِقْهِ، وَمُخْتَصَراً فِي النَّحْوِ، فَلَمَّا ترعرَعْتُ حَمَلَنِي أَبِي إِلَى كَمَالِ الدِّيْنِ الأَنْبَارِيِّ ... ، وَذَكَرَ فَصلاً ...

إِلَى أَنْ قَالَ: وَصِرْتُ أَتكلَّمُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ كَرَارِيْسَ، ثُمَّ حَفِظتُ (أَدبَ الكَاتِبِ) لابْنِ قُتَيْبَةَ، وَ (مُشْكِلَ القُرْآنِ) لَهُ، وَ (اللُّمَعَ) ، ثُمَّ انْتَقَلْتُ إِلَى كِتَابِ (الإِيضَاحِ) فَحَفِظتُهُ، وَطَالعتُ شُروحَهُ.

قَالَ: وَحفظتُ (التَّكملَةَ) فِي أَيَّامٍ يَسِيْرَةٍ، كُلُّ يَوْمٍ كُرَّاساً، وَفِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ لَا أُغْفِلُ سَمَاعَ الحَدِيْثِ، وَالتَّفَقُّهَ عَلَى ابْنِ فَضلاَنَ.

وَمِنْ وَصَايَاهُ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُوْنَ سِيرتُكَ سِيرَةَ الصَّدْرِ الأَوَّلِ، فَاقرَأِ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ، وَتَتَبَّعْ أَفعَالَهُ، وَاقتَفِ آثَارَهُ، وَتَشَبَّهْ بِهِ مَا أَمكنَكَ.

مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ أَلَمَ التَّعَلُّمِ لَمْ يَذُقْ لَذَّةَ العِلْمِ، وَمَنْ لَمْ يَكدَحْ لَمْ يُفْلِحْ.

إِذَا خلوتَ مِنَ التَّعَلُّمِ وَالتَّفَكُّرِ فَحرِّكْ لِسَانَكَ بِالذِّكْرِ، وَخَاصَّةً عِنْد النَّوْمِ، وَإِذَا حَدَثَ لَكَ فَرحٌ بِالدُّنْيَا فَاذْكُرِ المَوْتَ، وَسُرْعَةَ الزَّوَالِ، وَكَثْرَةَ المُنَغِّصَاتِ.

إِذَا حزَبَكَ أَمرٌ فَاسْترْجِعْ، وَإِذَا اعترَتْكَ غَفلَةٌ فَاسْتَغْفِرْ (١) .

وَاعلَمْ أَنَّ لِلدِّينِ عبقَةً وَعرقاً يُنَادِي عَلَى صَاحِبِهِ، وَنوراً وَضيئاً يُشرِفُ عَلَيْهِ وَيدلُّ عَلَيْهِ، يَا مُحيِي القُلُوْبِ المَيْتَةِ بِالإِيْمَانِ خُذْ بِأَيدينَا مِنْ مَهوَاةِ الهَلَكَةِ، وَطَهِّرْنَا مِنْ دَرَنِ الدُّنْيَا بِالإِخْلاَصِ لَكَ.


(١) في الأصل: " فاسترجع " وما أثبتناه من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " وهو الصحيح.