للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَعدُوْنَ القُرْطُبِيِّ، وَبِبَغْدَادَ عَنِ الكَمَالِ الأَنْبَارِيِّ.

وَتَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَةِ عَلَى السَدِيْدِ السَّلَمَاسِيِّ فِي الخِلاَفِ (١) .

وَكَانَ يُضْرَبُ المَثَلُ بِذَكَائِهِ وَسَعَةِ عُلُوْمِهِ.

اشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَصَنَّفَ، وَدَرَّسَ، وَتَكَاثَرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَبَرَعَ فِي الرِّيَاضِيِّ.

وَقِيْلَ: كَانَ يُشغلُ (٢) فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَنّاً، بِحَيْثُ أَنَّهُ يَحُلُّ مَسَائِلَ (الجَامِعِ الكَبِيْرِ) لِلْحنفِيَّةِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ أَهْل (٣) الذِّمَّةِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، حَتَّى إِنَّ العَلاَّمَةَ الأَثِيْرَ الأَبْهَرِيَّ كَانَ يَجلسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَتَّى أَنَّهُ فَضَّلَهُ عَلَى الغَزَّالِيِّ.

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَهُوَ مِنْ تلاَمِيذتهِ (٤) : كَانَ شَيْخُنَا يَعْرِفُ الفِقْهَ وَالأَصْلَينِ، وَالخِلاَفَ، وَالمنطقَ، وَالطبيعِيَّ، وَالإِلَهِيَّ، وَالمَجْسِطِيَّ، وَأَقليدسَ، وَالهَيْئَةَ، وَالحسَابَ، وَالجبرَ، وَالمسَاحَةَ، وَالمُوْسِيْقَى، مَعْرِفَةً لاَ يُشَاركُهُ فِيْهَا غَيْرُه، وَكَانَ يُقْرِئُ (كِتَابَ سِيْبَوَيْهِ) وَ (مُفَصّلَ الزَّمَخْشَرِيِّ) ، وَكَانَ لَهُ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ يَدٌ جَيّدَةٌ، وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ الصَّلاَحِ يُبَالِغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَيُعظِّمهُ ... ، وَبَالَغَ ابْنُ خَلِّكَانَ، إِلَى أَنْ قَالَ (٥) :

إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ - سَامَحَهُ اللهُ - يُتَّهَمُ فِي دِيْنِهِ، لِكَوْنِ العُلُوْمِ العَقليَّةِ غَالِبَةً عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ (٦) : لَهُ مُصَنّفَاتٌ فِي غَايَةِ الجَوْدَةِ. وَقِيْلَ: كَانَ


(١) كان السلماسي معيدا بالنظامية يومئذ.
(٢) أي: يدرس، من الاشتغال.
أما الاشتغال: فهو طلب العلم.
(٣) سقطت من النسخة، وهي من تاريخ الإسلام.
(٤) وفيات الأعيان: ٥ / ٣١٢ بتصرف في اللفظ.
(٥) وفيات الأعيان ٥ / ٣١٦.
(٦) عيون الانباء في طبقات الاطباء، (طبعة دار الفكر بيروت ١٣٧٦ / ١٩٥٦) ٢ / ٣٣٧.