مُتَصَوِّناً، مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ، عَدِيْمَ النَّظِيْرِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ مِنْ قَوَاعِدِهِ شَذَّ فِيْهَا، وَهِيَ صَلاَةُ الرَّغَائِبِ قَوَّاهَا وَنَصَرهَا مَعَ أَنَّ حَدِيْثَهَا بَاطِلٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ، وَلَكِنَّ لَهُ إِصَابَات وَفَضَائِل.
وَمِنْ فَتَاويه أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ يَشتغلُ بِالمنطقِ وَالفَلْسَفَةِ، فَأَجَابَ: الفَلْسَفَةُ أُسُّ السَّفَهِ وَالانحَلاَلِ، وَمَادَةُ الحيرَة وَالضَّلاَلِ، وَمثَارُ الزَّيْغ وَالزَّنْدَقَة، وَمَنْ تَفلسَفَ عَمِيَتْ بَصِيْرتُهُ عَنْ مَحَاسِن الشرِيعَة المُؤيّدَة بِالبرَاهينِ، وَمَنْ تَلبَّس بِهَا قَارَنَهُ الخِذلاَنُ وَالحِرمَانُ، وَاسْتحوذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَأَظلم قَلْبُه عَنْ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَاسْتعمَالُ الاصطلاَحَاتِ المنطقيَّةِ فِي مبَاحثِ الأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ المنكرَاتِ المُسْتبشعَةِ، وَالرقَاعَاتِ المُسْتحدثَةِ، وَلَيْسَ بِالأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ - وَللهِ الحَمْدُ - افْتِقَارٌ إِلَى المنطقِ أَصلاً، هُوَ قعَاقعُ قَدْ أَغنَى الله عَنْهَا كُلَّ صَحِيْحِ الذِّهْنِ، فَالوَاجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ - أَعزَّهُ اللهُ - أَنْ يَدفَعَ عَنِ المُسْلِمِيْنَ شَرَّ هَؤُلاَءِ المشَائِيم، وَيُخْرِجَهُم مِنَ المدَارسِ وَيُبعدَهُم.
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-: فِي سَنَةِ الخُوَارِزْمِيَّة، فِي سَحَرِ يَوْمِ الأَرْبعَاء، الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحُملَ عَلَى الرُّؤُوسِ، وَازدحم الخلقُ عَلَى سَرِيْرِهِ، وَكَانَ عَلَى جِنَازَتِهِ هَيبَةٌ وَخُشوعٌ، فَصُلِيَّ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَشَيَّعُوْهُ إِلَى دَاخِلِ بَابِ الفَرَجِ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ بِدَاخِلهِ ثَانِي مرَّةٍ، وَرجعَ النَّاسُ لِمَكَانِ حِصَارِ دِمَشْقَ بِالخُوَارِزْمِيَّةِ وَبعَسْكَرِ الملكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب لعَمِّه الملكِ الصَّالِحِ عِمَادِ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْل، فَخَرَجَ بِنَعشِهِ نَحْوُ العَشْرَةِ مُشمِّرِيْنَ، وَدَفنوهُ بِمقَابرِ الصُّوْفِيَّةِ!
(١) قام شعيب: وقد درست، وقام مكانها عمائر ومستشقفي ومسجد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute