للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى جَامِع دِمَشْقَ، إِلَى المَقْصُوْرَةِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ السُّلْطَان فَصَلَّيَا وَخَرَجَا، وَمشيَا إِلَى نَحْو مَرْكُوب الخَلِيْفَة بِبَابِ البَرِيْد، ثُمَّ رَجَعَ السُّلْطَان إِلَى بَابِ الزِّيَادَة (١) .

قَالَ القُطْب (٢) : فَسَافر الخَلِيْفَة وَصَاحِبُ المَوْصِلِ إِلَى الرّحبَة، ثُمَّ افْترقَا، ثُمَّ وَصل الخَلِيْفَة بِمَنْ مَعَهُ إِلَى مشْهد عَلِيّ، وَلَمَّا أَتُوا عَانَة وَجَدُوا بِهَا الحَاكِم فِي سَبْع مائَة نَفْسٍ، فَأَتَى إِلَى المُسْتَنْصِر وَبَايع، وَنَزَلَ فِي مُخيَّمِه مَعَهُ، وَتَسَلَّمَ الخَلِيْفَة عَانَة، وَأَقطعهَا جَمَاعَةً، ثُمَّ وَصل إِلَى الحَدِيْثَة، فَفَتَحهَا أَهْلُهَا لَهُ، فَلَمَّا اتَّصل الخَبَرُ بِمقدمِ المَغُوْلِ بِالعِرَاقِ، وَبشحنَة بَغْدَاد سَارُوا فِي خَمْسَة آلاَف، وَعَسْكَرُوا بِالأَنْبَار، وَنَهبُوا أَهْلَهَا وَقتلُوا، وَسَارَ الخَلِيْفَة إِلَى هيت فَحَاصَرَهَا، ثُمَّ دخلهَا فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ، وَنَهب ذِمَّتهَا، ثُمَّ نَزَلَ الدُّور، وَبَعَثَ طلاَئِعه، فَأَتَوُا الأَنْبَارَ فِي ثَالِثِ المُحَرَّمِ سنَةَ سِتِّينَ، فَعَبَرَتِ التَّتَارُ فِي اللَّيْلِ فِي المَرَاكِبِ وَفِي المَخَائِضِ، وَالتَقَى مِنَ الغَدِ الجَمْعَانِ، فَانْكَسَرَ أَوَّلاً الشِّحنَةُ، وَوَقَعَ مُعْظَمُ أَصْحَابِهِ فِي الفُرَاتِ، ثُمَّ خَرَجَ كَمِيْنٌ لَهُم، فَهَرَبَتِ الأَعرَابُ وَالتُّرُكْمَانُ، فَأَحَاطَ الكَمِيْنُ بِعَسْكَرِ الخَلِيْفَةِ، فَحَمَلَ الخَلِيْفَةُ بِهِم، فَأَفرجَ لَهُم التَّتَار، وَنَجَا جَمَاعَة مِنْهُم الحَاكِم فِي نَحْو الخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ عِدَّةٌ، وَالظَّاهِر أَنَّ الخَلِيْفَة قُتِلَ، وَيُقَالُ: بَلْ سَلِمَ، وَأَضمرته البِلاَد، وَلَمْ يَصِحَّ.

وَقِيْلَ: بَلْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ ثَلاَثَة مِنَ التَّتَار، وَقُتِلَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي أَوَائِل المُحَرَّم، كَهْلاً، وَبعدَ سَنَتَيْنِ بُوْيِع الحَاكِم بِأَمْرِ اللهِ أَحْمَد.


(١) في المطبوع من ذيل الروضتين (الزيارة) بالراء وما أثبتناه عن الأصل وعن تاريخ الإسلام وعن ذيل مرآة الزمان ١ / ٤٥٣، ومعجم البلدان (صادر) ٢ / ٤٦٩.
(٢) ذيل مرآة الزمان: ١ / ٤٥٤ - ٤٥٧ باختصار وتصرف.