وشهرته بين أهل علمه، أو منزلته بين الذين هم من بابته، سواء أكان موافقا له في المعتقد أو مخالفا، وربما تخلص من المادة الضخمة التي تحصلت له عن بعض المترجمين الأعلام بإحالة القارئ إلى مصادر أوسع تناولته بتفصيل أكثر.
وقد اتسم الذهبي رحمه الله بالجرأة النادرة التي جعلته ينتقد كبار العلماء والمؤرخين، وينبه على أوهامهم التي وقعت لهم فيما أثر عنهم بأسلوب علمي متزن ينبئ عن غزارة علم، ونبالة قصد، وقدرة فائقة في النقد، والأمثلة على ذلك كثيرة تجدها مبثوثة في تضاعيف هذا الكتاب.
ولما كان الذهبي قد استوعب في " تاريخ الإسلام " فئتين من المترجمين: المشهورين، والأعلام، فقد اقتصر في كتابه هذا على تراجم الأعلام النبلاء، إلا أنه قد يذكر في نهاية بعض التراجم غير واحد من المشهورين للتعريف بهم على سبيل الاختصار، وتحديد وفياتهم.
وقد يضطره اتفاق اسم أحد المشهورين باسم أحد الأعلام الذي يترجمه إلى ترجمة المشهور عقبه للتمييز.
وكثيرا ما جمع بعض الأسر المتقاربين في الطبقة في مكان واحد وإن لم يكونوا من تلك الطبقة، فهو يترجم لإخوة المترجم وأولاده ومن يلوذ به.
وكتاب " سير أعلام النبلاء " وإن كان قد استل من " تاريخ الإسلام " فقد ألفه بعده، وأضاف إليه أخبارا كثيرة لا وجود لها في " التاريخ "، وتناول أشياء بالنقد والتحقيق لم يتعرض لها في " تاريخه "، وصياغة الترجمة فيه تختلف في كثير من الأحيان عما عرضه في " تاريخ الإسلام ".
وإن هذا الكتاب القيم بما تضمنه من مزايا يندر أن توجد في غيره من بابته