للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَيَّانَ الأَوسِيُّ، وَطَائِفَةٌ.

وذكرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: هُوَ مُحَدِّثٌ بارعٌ، حَافلٌ، ضَابطٌ، مُتْقِنٌ، وَكَاتِبٌ (١) بليغٌ، وَأَديبٌ حَافلٌ حَافِظٌ.

رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ كَثِيْراً ... ، وَسَمَّى جَمَاعَةً ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْتَنَى بِبَابِ الرِّوَايَة اعتنَاءً كَثِيْراً، وَأَلَّفَ (مُعْجَمَه) وَكِتَابَ (تُحْفَةِ القَادِم) ، وَوصل (صلَة) ابْنِ بَشْكُوَالَ، عَرفْتُ بِهِ بَعْد تَعليقِي هَذَا الكِتَاب بِمُدَّةٍ -يَعْنِي كِتَابَ (الصِّلَةِ) لابْنِ الزُّبَيْرِ-.

قَالَ: وَكَانَ مُتَفَنِّناً مُتَقَدِّماً فِي الحَدِيْثِ وَالآدَاب، سَنِيّاً، مُتَخَلِّقاً فَاضِلاً، قُتِلَ صَبْراً ظُلْماً وَبَغْياً، فِي أَوَاخِرِ عَشْرِ سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.

قُلْتُ: كَانَ بَصِيْراً بِالرِّجَالِ المُتَأَخِّرِيْنَ، مُؤرِّخاً، حُلوَ التَّتَرْجُمِ، فَصيحَ العبَارَة، وَافرَ الحِشْمَةِ، ظَاهِرَ التَّجَمُّلِ، مِنْ بُلغَاءِ الكَتَبَةِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ جَمَّةٌ مِنْهَا (تَكمِلَةُ الصِّلَةِ) فِي ثَلاَثَةِ أَسفَارٍ، اخْترتُ مِنْهَا نَفَائِسَ.

انْتقل مِنَ الأَنْدَلُسِ عِنْدَ اسْتيلاَءِ النَّصَارِى، فَنَزَلَ تُوْنس مُدَّة، فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْض أَعدَائِهِ شَغبَ عَلَيْهِ عِنْد مَلِكَ تُوْنسَ، بِأَنَّهُ عَمل (تَارِيخاً) وَتَكلّم فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالُوا: هُوَ فُضولِيٌّ يَتَكَلَّم فِي الكِبَار، فَأُخِذَ، فَلَمَّا أَحسّ بِالتَّلَفِ، قَالَ لِغُلاَمَه: خُذِ البَغْلَة لَكَ، وَامضِ حَيْثُ شِئْتَ.

فَلَمَّا أُدْخِلَ، أَمَرَ المَلِكُ بِقَتْلِهِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، هَذَا مَعْنَى مَا حَكَى لِي الإِمَامُ أَبُو الوَلِيْدِ ابْن الحَاج -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ قَتْله.

وَمِنْ تَوَالِيفِه (الأَرْبَعُوْنَ) عَنْ أَرْبَعِيْنَ شَيْخاً مِنْ أَرْبَعِيْنَ تَصنِيفاً لأَرْبَعِينَ


(١) في الأصل: " وكان بليغ " وهو سهو.