للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُحَمَّدِ (١) بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ ابْن العَلْقَمِيّ البَغْدَادِيّ، الرَّافضِيّ، وَزِيْرُ المُسْتَعْصِم.

وَكَانَتْ دَوْلَتُه أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَفشَى الرَّفْض، فَعَارضه السُّنَّة، وَأُكْبِتَ، فَتَنَمَّرَ، وَرَأَى أَنَّ هُولاَكو عَلَى قصد العِرَاق، فَكَاتَبَه وَجَسَّرَهُ، وَقوَّى عَزْمه عَلَى قصد العِرَاق، لِيتَّخذَ عِنْدَهُ يَداً، وَلِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَغرَاضِهِ، وَحَفَر لِلأُمِّةِ قَلِيْباً، فَأُوقع فِيْهِ قَرِيْباً، وَذَاقَ الهوَانَ، وَبَقِيَ يَرْكَبُ كديشاً وَحْدَهُ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ركبته تُضَاهِي مَوْكِبَ سُلْطَان، فَمَاتَ غَبْناً وَغَمّاً، وَفِي الآخِرَةِ أَشدَّ خِزْياً وَأَشَدَّ تَنكيلاً.

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ابْن المُسْتَعْصِم وَالدُّويدَار الصَّغِيْر قَدْ شدَّا عَلَى أَيدِي السُّنَّةِ حَتَّى نُهِبَ الكَرْخ، وَتَمَّ عَلَى الشِّيْعَة بلاَءٌ عَظِيْمٌ، فَحنق لِذَلِكَ مُؤَيَّد الدِّيْنِ بِالثَّأْر بِسيف التَّتَار مِنَ السُّنَّةِ، بَلْ وَمِنَ الشِّيْعَةِ وَاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، وَقُتِلَ الخَلِيْفَةُ وَنَحْوُ السَّبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِ العقد وَالحلّ، وَبُذِلَ السَّيْف فِي بَغْدَادَ تِسْعَةً وَثَلاَثِيْنَ نَهَاراً حَتَّى جرت سُيُول الدِّمَاء، وَبقيت البلدَة كَأَمس الذَّاهب - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - وَعَاشَ ابْن العَلْقَمِيّ بَعْد الكَائِنَة ثَلاَثَة أَشْهُرٍ، وَهَلَكَ (٢) .

وَمَاتَ قَبْلَهُ بِأَيَّام أَخُوْهُ الصَّاحِبُ عَلَمُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ.

وَمَاتَ بَعْدَهُ ابْنه مُحَمَّدٌ أَحَد البُلغَاء المُنْشِئِين.

وَعَاشَ الوَزِيْرُ سِتّاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.


= (أيا صوفيا ٣٠١٣) ج ٢٠ الورقة ١٦٤ - ١٦٥، دول الإسلام ٢ / ١٢٢، العبر ٥ / ٢٢٥، الوافي بالوفيات: ١ / ١٨٤ - ١٨٦ الترجمة ١١٤، فوات الوفيات: ٣ / ٢٥٢ - ٢٥٥ الترجمة ٤١٥، عيون التواريخ: ٢٠ / ١٩٣ - ١٩٤، مرآة الجنان: ٤ / ١٤٧، البداية والنهاية: ١٣ / ٢١٢ - ٢١٣ العسجد المسبوك: ٦٤٠ - ٦٤١، شذرات الذهب: ٥ / ٢٧٢.
(١) في البداية والنهاية وفي الشذرات: " محمد بن أحمد " محرف.
(٢) ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنه توفي في مستهل جمادى الآخرة من هذه السنة (يعني سنة ٦٥٦) وذكر الصفدي في الوافي وابن شاكر في الفوات أنه توفي في أوائل سنة ٦٥٧، وأضاف الصفدي أن مولده كان في شهر ربيع الأول سنة ٥٩١.