للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّوْسِيّ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:

هُوَ لَبِسَهَا مَنْ يَدِ كَمِيْل بن زِيَادٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

قُلْتُ: هَذِهِ الطُّرُقُ ظُلُمَاتٍ مُدْلَهِمَّة، مَا أَشْبَههَا بِالوَضْعِ!

قَالَ ابْنُ الفُوَطِيّ: قَرَأْتُ فِي سِيرَةِ البَاخَرْزِيّ لِشيخِنَا مِنْهَاج الدِّيْنِ النَّسَفِيّ، وَكَانَ مُتَأَدِّباً بِأَفعَالِهِ، فَقَالَ:

كَانَ الشَّيْخُ مُتَابعاً لِلْحَدِيْثِ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، لَمْ يَنظر فِي تَقوِيْمٍ وَلاَ طِبٍّ، بَلْ إِذَا وُصِفَ لَهُ دوَاء، خَالفهُم مُتَابعاً لِلسُّنَّةِ (١) ، وَكَانَتْ طرِيقتُه عَارِيَةً عَنِ التَّكَلُّف، كَانَ فِي علمه وَفضله كَالبَحْر الزَّاخر، وَفِي الحقيقَةِ مَفْخَر الأَوَائِل وَالأَوَاخِر، لَهُ الجَلاَلَةُ وَالوجَاهَةُ، وَانتشر صِيْتُهُ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ وَالكُفَّارِ، وَبِهِمَّتِهِ اشْتُهِرَ عِلْم الأَثَرِ بِمَا وَرَاء النَّهْر وَتُرْكستَانَ، وَكَانَ عِلْمُهُم الجَدَل وَالقَوْل بِالخِلاَفِيَات وَتَرْك العملِ، فَأَظْهَرَ أَنوَار الأَخْبَار فِي تِلْكَ الدِّيَار.

وُلِدَ بِبَاخَرْز، وَهِيَ وِلاَيَة بَيْنَ نَيْسَابُوْر وَهَرَاةَ قَصَبَتُهَا مَالِيْنُ، وَصَحِبَ نَجم الكُبْرَى، وَبَهَاء الدِّيْنِ السَّلاَمِهِي، وَتَاج الدِّيْنِ مَحْمُوْداً الأَشنهِي، وَسَعْد الصَّرَّام الهَرَوِيّ، وَمُخْتَاراً الهَرَوِيّ، وَحَجّ فِي صِبَاهُ.

ثُمَّ دَخَلَ بَغْدَادَ ثَانِياً، وَقَرَأَ عَلَى السُّهْرَوَرْدِيّ، وَبِخُرَاسَانَ عَلَى المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيّ، وَفضل الله بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ النُّوْقَانِيّ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بدِهِسْتَان عَلَى النَّاسِ، وَقَرَأَ عَلَى الخَطِيْبِ جَلاَل الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ شَيْخِ الإِسْلاَمِ بُرْهَان الدِّيْنِ المَرْغِيْنَانِيّ كِتَابَ (الهدَايَةِ) فِي الفِقْه مِنْ تَصَانِيْفِ أَبِيْهِ.

ثُمَّ قَدِمَ خُوَارِزْم، وَقَرَأَ بِبُخَارَى عَلَى المَحْبُوبِيّ، وَالكَرْدَرِيّ، وَأَبِي رشيد الأَصْبَهَانِيّ.

وَلَمَّا خَرَّبَ التَّتَار بُخَارَى وَغَيْرهَا، أَمر نَجْمُ الدِّيْنِ الكُبْرَى أَصْحَابَه


(١) هذا كلام غير دقيق، إذ السنة لا تمنع من استشارة الطبيب وأخذ الدواء الذي يقرره، بل تحض عليه.