للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَجَاز لَهُ: المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَأَبُو رَوْحٍ الهَرَوِيّ، وَسَمِعَ فِي كبره مِنْ أَبِي الحَسَنِ القَطِيْعِيّ بِبَغْدَادَ، وَمِنِ ابْنِ اللُّتِّيّ بِالكَرَك.

وَكَانَ فَقِيْهاً حنفِياً ذَكِيّاً، مُنَاظِراً، أَدِيْباً شَاعِراً بَدِيْع النَّظْمِ، مُشَارِكاً فِي عُلُوْم، تَسَلْطَن عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ، وَأَحَبّه أَهْلُ البَلَدِ، فَأَقْبَل عَمَّاهُ الكَامِل وَالأَشْرَف فَحَاصَرَاهُ أَشْهُراً، ثُمَّ انْفَصل عَنْ دِمَشْق فِي أَثْنَاء سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَقنع بِالكَرَك، وَأَعْطَوْهُ مَعَهَا نَابُلُس وَعَجْلُوْنَ وَالصَّلْت وَقُرَى بَيْت المَقْدِسِ سِوَى البَلَدِ فَإِنَّهُ أَخَذَه الأَنبروز الإِفرنجِي الَّذِي أَنْجَدَ الكَامِل، ثُمَّ زَوَّجَهُ الكَامِل بِابْنته فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنهُمَا، فَفَارقَ البِنْتَ، ثُمَّ بَعْدَ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ سَارَ إِلَى المُسْتَنْصِر بِاللهِ، وَقَدَّمَ لَهُ تُحَفاً، وَاجْتَمَعَ بِهِ وَأَكْرَمَهُ بَعْد امتنَاع بِعَمَلِ قَصِيدتِهِ الفَائِقَةِ (١) وَهِيَ:

وَدَانٍ أَلَمَّتْ بِالكَثِيْبِ ذَوَائِبُهْ ... وَجُنْحُ الدُّجَى وَحْف (٢) تَجول غَيَاهِبُهْ

تُقَهْقِهُ فِي تِلْكَ الرُّبوعِ رُعُوْدُهُ ... وَتَبْكِي عَلَى تِلْكَ الطُّلولِ سَحَائِبُهْ

إِلَى أَنْ بدَا مِنْ أَشْقَرِ الصُّبْحِ قَادِمٌ ... يُرَاعُ لَهُ مِنْ أَدْهَمِ اللَّيْلِ هَارِبُهْ

منهَا:

أَلاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَمَنْ غَدَتْ ... عَلَى كَاهِلِ الجَوْزَاء تَعْلُو مَرَاتِبُهْ

أَيَحْسُنُ فِي شَرْعِ المَعَالِي وَدِيْنِهَا ... وَأَنْتَ الَّذِي تُعْزَى إِلَيْهِ مَذَاهِبُهْ؟

بِأَنِّي أَخوضُ الدوَّ (٣) وَالدوُّ مُقفرٌ ... سَبَارِيْتُهُ مُغبرَةٌ وَسَبَاسِبُهْ


(١) أورد القصيدة اليونيني في ذيل المرآة: ١ / ١٣٣ - ١٣٥، والذهبي في تاريخ الإسلام الورقة ١٥٠، وابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات: ١ / ٤٢٠ - ٤٢٢، وأحمد بن إبراهيم الحنبلي في شفاء القلوب: ٣٤٨ - ٣٥١ وغيرها، وانظر رسالة الدكتور ناظم رشيد شيخو: ٤٠٢ - ٤٠٦ (طبعة المناقشة) .
(٢) في الأصل: " وقف " وليس بشيء، والتصحيح من خط المؤلف في تاريخ الإسلام وغيره، والوحف: الشديد السواد.
(٣) الدو: الغلاة.