للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَاكَ شَعِثْتَ وَاغْبرَرْتَ مُذْ تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ لَعَلَّهُ أَنَّ مَا بِكَ إِمَارَةُ ابْنِ عَمِّكَ -يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ-.

قَالَ: مَعَاذَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُوْلُهَا رَجُلٌ يَحْضُرُهُ المَوْتُ إِلاَّ وَجَدَ رُوْحَهُ لَهَا رَوحاً حِيْنَ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ، وَكَانَتْ لَهُ نُوْراً يَوْمَ القِيَامَةِ) .

فَلَمْ أَسَأَلْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهَا، وَلَمْ يُخْبِرْنِي بِهَا، فَذَاكَ الَّذِي دَخَلَنِي.

قَالَ عُمَرُ: فَأَنَا أَعْلَمُهَا.

قَالَ: فَلِلَّهِ الحَمْدُ، فَمَا هِيَ؟

قَالَ: الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا لِعَمِّهِ.

قَالَ: صَدَقْتَ (١) .

أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي حَبِيْبَةَ (٢) مَوْلَىً لِطَلْحَةَ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَان بنِ طَلْحَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ الجَمَلِ، فَرَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ:

إِنِّي لأَرْجُوَ أَنْ يَجْعَلَنِي اللهُ


(١) مجالد فيه ضعف.
لكن الحديث صحيح.
فقد أخرجه ابن حبان رقم (٢) من طريق: مسعر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية قالت: مر عمر بن الخطاب بطلحة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مكتئب، فقال: أساءتك إمرة ابن عمك؟ قال: لا.
ولكني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: " إني لاعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا كانت له نورا لصحيفته، وإن جسده وروحه ليجدان لها روحا عند الموت " فقبض ولم أسأله.
فقال: " ما أعلمها إلا الكملة التي أراد عليها عمه.
ولو علم أن شيئا أنجى له منها لامره به ". ورجاله ثقات.
وأخرجه أحمد ١ / ١٦١ من طريق أسباط، عن مطرف، عن عامر، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه طلحة قال: رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلا فقال: مالك يا أبا فلان، لعلك ساءتك إمرة ابن عمك يا أبا فلان؟ قال: لا.
إلا أني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات.
سمعته يقول: " إني لاعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفس الله عنه كربته " قال: فقال عمر رضي الله عنه: إني لاعلم ما هي. قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة
أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت؟ لا إله إلا الله.
قال طلحة: صدقت هي والله هي وإسناده صحيح.
وصححه الحاكم ١ / ٣٥٠ - ٣٥١ وواقعه الذهبي.
(٢) تصحفت في المطبوع إلى " حبيشة ".