للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ أُصِيْبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَابْنُ رَوَاحَةَ) .

فَلَمَّا قُتِلاَ، كَرِهَ ابْنُ رَوَاحَةَ الإِقْدَامَ، فَقَالَ:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّهْ ... طَائِعَةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّهْ

فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ (١)

فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

قَالَ مُدْرِكُ بنُ عُمَارَةَ: قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ:

مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: (كَيْفَ تَقُوْلُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُوْلَ؟) .

قُلْتُ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ، ثُمَّ أَقُوْلُ.

قَالَ: (فَعَلَيْكَ بِالمُشْرِكِيْنَ) .

ولَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئاً، ثُمَّ قُلْتُ:

فَخَبِّرُوْنِي أَثْمَانَ العَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِقَ أَوْ دَانَتْ لَكُم مُضَرُ؟

فَرَأَيْتُهُ قَدْ كَرِهَ هَذَا أَنْ جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ العَبَاءِ، فَقُلْتُ:

يَا هَاشِمَ الخَيْرِ، إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى البَرِيِّةِ فَضْلاً مَا لَهُ غِيْرُ

إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُم فِي الَّذِي نَظَرُوا

وَلَوْ سَأَلْتَ إِنْ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي حِلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلاَ نَصَرُوا

فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيْتَ مُوْسَى وَنَصْراً كَالَّذِي نُصِرُوا

فَأَقْبَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَجْهِهِ مُسْتَبْشِراً، وَقَالَ: (وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللهُ) (٢) .


(١) الخبر عند ابن هشام ٢ / ٣٧٩، والابيات هناك ثلاثة، والنص مختلف.
وكذلك في " الاستيعاب " ٦ / ١٧٤.
(٢) أخرجه ابن سعد ٣ / ٢ / ٨٠ - ٨١، وابن هشام ٢ / ٣٧٤، والابيات هناك ثلاثة وبغير هذا الترتيب.
وفي " أسد الغابة " ٣ / ٢٣٥ وفي " الإصابة " ٦ / ٧٩ - ٨٠ وفيها بيت واحد.
وانظر " تهذيب ابن عساكر " ٧ / ٣٩٣.