للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُعْبَةُ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ الحَارِثِ بنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ:

لَمَّا بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اليَمَنِ، قَالَ لِي: (كَيْفَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ قَضَاءٌ؟) .

قَالَ: قُلْتُ: أَقْضِي (١) بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَبِمَا قَضَى بِهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيْمَا قَضَى بِهِ الرَّسُوْلُ؟) .

قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلاَ آلُوْ.

فَضَرَبَ صَدْرِي، وَقَالَ: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُوْلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا يُرْضِي رَسُوْلَ اللهِ (٢)) .

أَبُو اليَمَانِ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ رَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيِّ:

أَنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اليَمَنِ، خَرَجَ يُوْصِيْهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ.

فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: (يَا مُعَاذُ! إِنَّكَ عَسَى أَنْ لاَ تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي (٣)) .

فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعاً لِفِرَاقِ رَسُوْلِ اللهِ.

قَالَ: (لاَ تَبْكِ يَا مُعَاذُ، أَوْ إِنَّ البُكَاءَ مِنَ الشَّيْطَانِ (٤)) .

قَالَ سَيْفُ بنُ عُمَرَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ صَخْرٍ:

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ وَدَّعَهُ مُعَاذٌ قَالَ: (حَفِظَكَ اللهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ، وَدَرَأَ


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) أخرجه أحمد ٥ / ٢٣٦، ٢٤٢، وأبو داود (٣٥٩٢) و (٣٥٩٣) في الاقضية: باب اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي (١٣٢٧) و (١٣٢٨) في الاحكام: باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، وابن سعد ٣ / ٢ / ١٢١، وانظر شرح السنة للبغوي بتحقيقنا ١٠ / ١١٦ و" إعلام الموقعين " ١ / ٢٠٢ وما بعدها.
(٣) تحرفت في المطبوع إلى " مقامي ".
(٤) رجاله ثقات وهو في " المسند " ٥ / ٢٣٥ من طريق أبي اليمان، به، وانظر " سيرة ابن كثير " ٤ / ١٩٣.
والجشع: الجزع لفراق الالف.
وفي حديث جابر رضي الله عنه: ثم أقبل علينا، فقال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟ قال: فجشعنا.