للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نمرة، إذ أقبلت عير من أعلى نجد، فلما حاذت الكعبة إذا غلام قد رمى بنفسه عن عجز بعير، فجاء حتى تعلق بأستار الكعبة، ثم نادى يا رب البنية أجرني؛ وإذا شيخ وسيم قسيم عليه بهاء الملك ووقار الحكماء، فقال: ما شأنك يا غلام، فأنا من آل الله وأجير من استجار به؟ قال: إن أبي مات وأنا صغير، وإن هذا استعبدني، وقد كنت أسمع أن لله بيتا يمنع من الظلم، فلما رأيته استجرت به. فقال له القرشي: قد أجرتك يا غلام، قال: وحبس الله يد الجندعي إلى عنقه. قال جلهمة: فحدثت بهذا الحديث عمرو بن خارجة وكان قعدد الحي، فقال: إن لهذا الشيخ ابنا يعني أبا طالب. قال: فهويت رحلي نحو تهامة، أكسع بها الجدود، وأعلوا بها الكذان، حتى انتهيت إلى المسجد الحرام، وإذا قريش عزين، قد ارتفعت لهم ضوضاء يستسقون، فقائل منهم يقول: اعتمدوا اللات والعزى؛ وقائل يقول: اعتمدوا لمناة الثالثة الأخرى. وقال شيخ وسيم قسيم حسن الوجه جيد الرأي: أنى تؤفكون وفيكم باقية إبراهيم -عليه السلام- وسلالة إسماعيل؟ قالوا له: كأنك عنيت أبا طالب. قال: إيهًا. فقاموا بأجمعهم، وقمت معهم فدققنا عليه بابه، فخرج إلينا رجل حسن الوجه مصفر، عليه إزار قد اتشح به، فثاروا إليه فقالوا: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العباد فهلم فاستسق؛ فقال: رويدكم زوال الشمس وهبوب الريح؛ فلما زاغت الشمس أو كادت، خرج أبو طالب معه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة؛ فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بأصبعه الغلام، وبصبصت الأغيلمة حوله وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من ههنا