للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيُّوْبَ، وَقَدْ وَقَعَ حُبٌّ لَهُم فَانْكَسَرَ، وَانْصَبَّ المَاءُ، فَقَامَ أَبُو أَيُّوْبَ وَامْرَأَتُهُ يَلْتَقِطَانِ المَاءَ بِقَطِيْفَةٍ لَهُمَا لاَ يَكِفُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا تَصْنَعُ يَا أَبَا أَيُّوْبَ؟) .

فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: (لَكَ وَلِزَوْجَتِكَ الجَنَّةُ) .

فَقُلْتُ: هَذَا -وَاللهِ- مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ الرَّحْمَةِ.

فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذْتُ الخِلاَلَ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَقَالَ: (مَا هَذَا يَا بُنَيَّ؟) .

قُلْتُ: صَدَقَةٌ.

قَالَ: (إِنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ) .

فَأَخَذْتُهُ، وَتَنَاوَلْتُ إِزَارِي، وَفِيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، فَقُلْتُ: هَذِهِ هَدِيَّةٌ.

فَأَكَلَ، وَأَطَعْمَ مَنْ حَوْلَهُ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: (أَحُرٌّ أَنْتَ أَمْ مَمْلُوْكٌ؟) .

قُلْتُ: مَمْلُوْكٌ.

قَالَ: (وَلِمَ وَصَلْتَنِي بِهَذِهِ الهَدِيَّةِ؟) .

قُلْتُ: كَانَ لِي صَاحِبٌ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا، وَصَاحِبٌ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا، فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِهِمَا.

قَالَ: (أَمَا إِنَّ صَاحِبَيْكَ مِنَ الَّذِيْنَ قَالَ اللهُ: {الَّذِيْنَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُوْنَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِم ... } الآيَة، مَا رَأَيْتَ فِيَّ مَا خَبَّرَكَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ، إِلاَّ شَيْئاً (١) بَيْنَ كَتِفَيْكَ.

فَأَلْقَى ثَوْبَهُ، فَإِذَا الخَاتَمُ، فَقَبَّلْتُهُ، وَقُلْتُ:

أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.

فَقَالَ: (يَا بُنَيَّ! أَنْتَ سَلْمَانُ) .

وَدَعَا عَلِيّاً، فَقَالَ: (اذْهَبْ إِلَى خُلَيْسَةَ، فَقُلْ لَهَا:

يَقُوْلُ لَكِ مُحَمَّدٌ: إِمَّا أَنْ تُعْتِقِي هَذَا، وَإِمَّا أَنْ أُعْتِقَهُ، فَإِنَّ الحِكْمَةَ تُحَرِّمُ عَلَيْكِ خِدْمَتَهُ) .

قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَشْهَدُ أَنَّهَا لَمْ تُسْلِمْ.

قَالَ: (يَا سَلْمَانُ! أَوَلاَ تَدْرِي مَا حَدَثَ بَعْدَكَ؟ دَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَمِّهَا، فَعَرَضَ عَلَيْهَا الإِسْلاَمَ، فَأَسْلَمَتْ) .

فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ، وَإِذَا هِيَ تَذْكُرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهَا عَلِيٌّ.


(١) تحرفت " إلا شيئا " في المطبوع إلى " الانباء ".