للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَعْرِفُوْنَ حَقَّهُ؟

قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَأَنَا عَمُّ نَبِيِّكُم، أَحَقُّ أَنْ تُكْرِمُوْنِي.

فَكَلَّمَ عُمَرُ النَّاسُ، فَأَعْطَوْهُ (١) .

قُلْتُ: لَمْ يَزَلِ العَبَّاسُ مُشْفِقاً عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحِبّاً لَهُ، صَابِراً عَلَى الأَذَى، وَلَمَّا يُسْلِمْ بَعْدُ، بِحَيْثُ أَنَّهُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ عُرِفَ، وَقَامَ مَعَ ابْنِ أَخِيْهِ فِي اللَّيْلِ، وَتَوَثَّقَ لَهُ مِنَ السَّبْعِيْنَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ مَعَ قَوْمِهِ مُكْرَهاً؛ فَأُسِرَ، فَأَبْدَى لَهُم أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ.

فَمَا أَدْرِي لِمَاذَا أَقَامَ بِهَا؟!

ثُمَّ لاَ ذِكْرَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلاَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَلاَ خَرَجَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، وَلاَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، فِيْمَا عَلِمْتُ.

ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهَاجِراً قُبَيْلَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ فَلَمْ يَتَحَرَّرْ لَنَا قُدُوْمُهُ.

وَقَدْ كَانَ عُمَرُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَاراً بِالثَّمَنِ، لِيُدْخِلَهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَامْتَنَعَ، حَتَّى تَحَاكَمَا إِلَى أُبِيِّ بنِ كَعْبٍ ... ، وَالقِصَّةُ (٢) مَشْهُوْرَةٌ، ثُمَّ بَذَلَهَا بِلاَ ثَمَنٍ (٣) .

وَوَرَدَ أَنَّ عُمَرَ عَمَدَ إِلَى مِيْزَابٍ لِلْعَبَّاسِ عَلَى مَمَرِّ النَّاسِ، فَقَلَعَهُ.

فَقَالَ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ.

فَأَقْسَمَ عُمَرُ: لَتَصْعَدَنَّ عَلَى ظَهْرِي، وَلَتَضَعَنَّهُ مَوْضِعَهُ (٤) .

وَيُرْوَى فِي خَبَرٍ مُنْكَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى الثُّرَيَّا، ثُمَّ قَالَ: (يَا


(١) " طبقات ابن سعد " ٤ / ٣٠ وهو مرسل، وعلي بن زيد ضعيف.
(٢) تصحفت في المطبوع إلى " والبقية ".
(٣) أخرجه ابن سعد ٤ / ٢١ من طريق يزيد بن هارون، عن أبي أمية بن يعلى، عن سالم أبي النضر، وأبو أمية بن يعلى قال المؤلف في " الميزان ": ضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للخواص.
(٤) أخرجه أحمد ١ / ٢١٠، وابن سعد ٤ / ٢٠، وسنده حسن.