للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ أَبِيْهِ:

أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدَّتْهُ، ثُمَّ عُمَرُ، فَرَدَّتْهُ.

فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً، أَخْبِرْ رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ (١) ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِداً.

فَبَعَثَ إِلَيْهَا: (أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيْكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الأَوْلِيَاءُ؛ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُم إِلاَّ سَيَرْضَى بِي) .

قَالَتْ: يَا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُوْلَ اللهِ.

وَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَا إِنِّي لاَ أَنْقُصُكِ مِمَّا أَعْطَيْتُ فُلاَنَةَ ... ) ، الحَدِيْثَ (٢) .

عَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَنِي، وَبَيْنَنَا حِجَابٌ، فَخَطَبَنِي.

فَقُلْتُ: وَمَا تُرِيْدُ إِلَيَّ؟ مَا أَقُوْلُ هَذَا إِلاَّ رَغْبَةً لَكَ عَنْ نَفْسِي؛ إِنِّي


(١) غيرى: كثيرة الغيرة، ومصبية: ذات صبيان وأولاد صغار.
(٢) وتمامه: رحيين وجرتين ووسادة من أدم حشوها ليف.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها، فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حييا كريما يستحيي فيرجع، فعل ذلك مرارا ففطن عمار بن ياسر لما تصنع، قال: فأقبل ذات يوم وجاء عمار، وكان أخاها لامها، فدخل عليها، فانتشطها من حجرها وقال: دعي هذه المقبوحة المشقوحة التي آذيت بها رسول الله، فدخل، فجعل يقلب بصره في البيت يقول: " أين زناب؟ ما فعلت زناب؟ " قالت: جاء عمار، فذهب بها.
قال: فبنى رسول الله بأهله، ثم قال: " إن شئت أن أسبع لك سبعت للنساء ".
أخرجه ابن سعد ٨ / ٩٠، وأحمد ٦ / ٣١٣، ٣١٤، و٣١٧، والنسائي ٦ / ٨١، ٨٢ في النكاح: باب إنكاح الابن لامه، وإسناده صحيح كما قال الحافظ في " الإصابة " ١٣ / ٢٢٣، وصححه ابن حبان (١٢٨٢) والحاكم ٤ / ١٧، ووافقه الذهبي.