للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورحمة الله وبركاته. قلت: يزعم أنه يحبك. قال: أحبه الله. فتحدثنا وقلنا: يا أبا عبد الله، ألا تحدثنا عن أصلك؟ قال: أما أصلي فأنا من أهل رامهرمز، كنا قوما مجوسا، فأتى رجل نصراني من أهل الجزيرة كانت أمه منا، فنزل فينا واتخذ فينا ديرا وكنت من كتاب الفارسية، فكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبا يبكي، قد ضربه أبواه، فقلت له يوما: ما يبكيك؟ قال: يضربني أبواي. قلت: ولم يضربانك؟ فقال: آتي صاحب هذا الدير، فإذا علما ذلك ضرباني، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجبا. قلت فاذهب بي معك، فأتيناه، فحدثنا عن بدء الخلق وعن الجنة والنار، فحدثنا بأحاديث عجب، فكنت أختلف إليه معه، وفطن لنا غلمان من الكتاب، فجعلوا يجيئون معنا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه، فقالوا: يا هناه إنك قد جاورتنا فلم تر من جوارنا إلا الحسن، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، اخرج عنا. قال: نعم فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه: اخرج معي. قال: لا أستطيع ذلك. قلت: أنا أخرج معك، وكنت يتيما لا أب لي، فخرجت معه، فأخذنا جبل رامهرمز، فجعلنا نمشي ونتوكل، ونأكل من ثمر الشجر، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي: يا سلمان، إن ههنا قوما هم عباد أهل الأرض، فأنا أحب أن ألقاهم. قال: فجئناهم يوم الأحد، وقد اجتمعوا، فسلم عليها صاحبي، فحيوه وبشوا به، وقالوا: أين كانت غيبتك؟ فتحدثنا، ثم قال: قم يا سلمان، فقلت: لا، دعني مع هؤلاء. قال: إنك لا تطيق ما يطيقون، هؤلاء يصومون من الأحد إلى الأحد، ولا ينامون هذا الليل. وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى أمسينا، فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه، فلما أمسينا قال ذاك الرجل الذي من أبناء الملوك: هذا الغلام ما تضيعوه ليأخذه رجل