للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلْرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيْهَا.

مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:

قَالَتْ أَسْمَاءُ لابْنِهَا: يَا بُنَيَّ، عِشْ كَرِيْماً، وَمُتْ كَرِيْماً، لاَ يَأْخُذْكَ القَوْمُ أَسِيْراً (١) .

قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: كَثُرَ اللُّصُوْصُ بِالمَدِيْنَةِ؛ فَاتَّخَذَتْ أَسْمَاءُ خِنْجَراً زَمَنَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، كَانَتْ تَجْعَلُهُ تَحْتَ رَأْسِهَا (٢) .

قَالَ عُرْوَةُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخِي - قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ - عَلَى أُمِّنَا بِعَشْرِ لَيَالٍ، وَهِيَ وَجِعَةٌ.

فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟

قَالَتْ: وَجِعَةٌ.

قَالَ: إِنَّ فِي المَوْتِ لَعَافِيَةً.

قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي؛ فَلاَ تَفْعَلْ.

وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللهِ، مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوْتَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ: إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ؛ وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، إِيَّاكَ أَنْ تُعْرَضَ عَلَى خُطَّةٍ فَلاَ تُوَافِقَ، فَتَقْبَلُهَا كَرَاهِيَةَ المَوْتِ (٣) .

قَالَ: وَإِنَّمَا عَنَى أَخِي أَنْ يُقْتَلَ، فَيَحْزُنُهَا ذَلِكَ.

وَكَانَتْ بِنْتَ مائَةِ سَنَةٍ.


(١) شعيب بن طلحة مختلف فيه، قال ابن معين: لا أعرفه، وقال أبو حاتم: لا بأس به، ونقل الحافظ الضياء عن الدارقطني قوله فيه: متروك، وقال معن: لا يكاد يعرف.
وذكره ابن حبان في " الثقات ".
(٢) أخرجه ابن سعد ٨ / ٢٥٣، ولفظه: أن أسماء بنت أبي بكر اتخذت خنجرا زمن سعيد بن العاص للصوص، وكانوا قد استعروا بالمدينة، فكانت تجعله تحت رأسها.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " ٤ / ٦٤، وزاد فيه: فقيل لها: ما تصنعين بهذا؟ قالت: إن دخل علي لص بعجت بطنه، وكانت عمياء، وقد تحرفت في الأصل " زمن " إلى " روى ".
(٣) ذكره المؤلف في " تاريخ الإسلام " ٣ / ١٣٥.