للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ:

كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَحْفَظِ الصَّحَابَةِ (١) .

مُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ:

كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: رُبَّ كِيْسٍ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَفْتَحْهُ -يَعْنِي: مِنَ العِلْمِ- (٢) .

قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى جَوَازِ كِتْمَانِ بَعْضِ الأَحَادِيْثِ الَّتِي تُحَرِّكُ فِتْنَةً فِي الأُصُوْلِ أَوِ الفُرُوْعِ، أَوِ المَدْحِ وَالذَّمِّ، أَمَا حَدِيْثٌ يَتَعَلَّقُ بِحِلٍّ أَوْ حَرَامٍ فَلاَ يَحِلُّ كِتْمَانُهُ بِوَجْهٍ، فَإِنَّهُ مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى.

وَفِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) : قَوْلُ الإِمَامِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:

حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُوْنَ، أَتُحِبُّوْنَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ (٣) .

وَكَذَا لَوْ بَثَّ أَبُو هُرَيْرَةَ


= أويس، عن أبي بكر عبد الحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وهو في " تاريخ دمشق " ١٩ / ١٦ / ١.
وقد حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم.
وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة، فمات قبلها بسنة.
وقال ابن المنير: جعل بعضهم هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهرا وباطنا، وذلك الباطل، إنما حاصله الانحلال من الدين، وإنما أراد أبو هريرة بقوله: قطع، أي: قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم، وتضليله لسعيهم، ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتومة لو كانت من الاحكام الشرعية ما وسعه كتمانها.
(١) تاريخ دمشق ١٩ / ١١٦ / ٢.
(٢) تاريخ دمشق ١٩ / ١١٦ / ٢.
(٣) أخرجه البخاري ١ / ١٩٩ في العلم: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا، دون قوله: " ودعوا ما ينكرون " وهي عند آدم بن أبي إياس في كتاب العلم له.
قال الحافظ في " الفتح ": وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود: ما أنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
رواه مسلم في مقدمة صحيحه ١ / ١١.