للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمه أبو طالب، ومنعه وقام دونه، فلما رأت قريش أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه، ورأوا أن عمه يمنعه مشوا إلى أبي طالب فكلموه، وقالوا: إما أن تكفه عن آلهتنا وعن الكلام في ديننا، وإما أن تخلي بيننا وبينه. فقال لهم قولا رفيقا، وردهم ردا جميلا، فانصرفوا. ثم بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحض بعضهم بعضا عليه، ومشوا إلى أبي طالب مرة أخرى، فقالوا: إن لك نسبا وشرفا فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله ما نصبر على شتم آلهتنا وتسفيه أحلامنا حتى تكفه أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين. ثم انصرفوا عنه، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوته لهم، ولم يطلب نفسا أن يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا أن يخذله.

وقال يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى بن عبيد الله، عن موسى بن طلحة قال: أخبرني عقيل بن أبي طالب، قال: جاءت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: إن ابن أخيك هذا

قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل انطلق فائتني بمحمد. فانطلقت إليه فاستخرجته من حفش أو كبس -يقول: بيت صغير- فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء، فقال: "أترون هذه الشمس"؟ قالوا: نعم، قال: "فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة". فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي قط فارجعوا. رواه البخاري في "التاريخ" عن أبي كريب، عن يونس.

وقال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة أن قريشا