للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلإِسْلاَمِ) .

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُم؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: مَا فَعَلَ المَالِكِيُّوْنَ؟

قُلْتُ: قَتَلْتُهُم، وَأَخَذْتُ أَسْلاَبَهُم، وَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ لِيَخْمُسَهَا.

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَمَّا إِسْلاَمُكَ فَنَقْبَلُهُ، وَلاَ آخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِم شَيْئاً، لأَنَّ هَذَا غَدْرٌ، وَلاَ خَيْرَ فِي الغَدْرِ) .

فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، وَقُلْتُ: إِنَّمَا قَتَلْتُهُم وَأَنَا عَلَى دِيْنِ قَوْمِي، ثُمَّ أَسْلَمْتُ السَّاعَةَ.

قَالَ: (فَإِنَّ الإِسْلاَمَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ) .

وَكَانَ قَتَلَ مِنْهُم ثَلاَثَةَ عَشَرَ (١) ، فَبَلَغَ ثَقِيْفاً بِالطَّائِفِ، فَتَدَاعَوْا لِلْقِتَالِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَنِّي عُرْوَةُ بنُ مَسْعُوْدٍ ثَلاَثَ عَشْرَةَ دِيَةً.

وَأَقَمْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ سَفْرَةٍ خَرَجْتُ مَعَهُ فِيْهَا.

وَكُنْتُ أَكُوْنُ مَعَ الصِّدِّيْقِ، وَأَلْزَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيْمَنْ يَلْزَمُهُ.

قَالَ: وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ عُرْوَةَ بنَ مَسْعُوْدٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُكَلِّمَهُ، فَأَتَاهُ، فَكَلَّمَهُ، وَجَعَلَ يَمَسُّ لِحْيَتَهُ، وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُوْلِ اللهِ مُقَنَّعٌ فِي الحَدِيْدِ.

فَقَالَ المُغِيْرَةُ لِعُرْوَةَ: كُفَّ يَدَكَ قَبْلَ أَنْ لاَ تَصِلَ إِلَيْكَ.

فَقَالَ: مَنْ ذَا يَا مُحَمَّدُ؟ مَا أَفَظَّهُ وَأَغْلَظَهُ!

قَالَ: (ابْنُ أَخِيْكَ) .

فَقَالَ: يَا غُدَرُ، وَاللهِ مَا غَسَلْتُ عَنِّي سَوْءتَكَ إِلاَّ بِالأَمْسِ (٢) .


(١) هو في " طبقات ابن سعد ": ٤ / ٢٨٥، ٢٨٦ إلى هنا.
وبقية الخبر مخروم.
وانظر: " المصنف " رقم (٩٦٧٨) .
(٢) أخرجه بطوله صاحب الاغاني: ١٦ / ٨٠، ٨٢، وابن عساكر: ١٧، ٣٥ / آ / ٣٦ من طريق الواقدي، وقوله " إن الإسلام يجب ما قبله " حديث صحيح أخرجه أحمد ٤ / ١٩٩ و٢٠٤ و٢٠٥، ومسلم في " صحيحه " (١٢١) من حديث عمرو بن العاص، ومن قوله: وبعثت قريش، إلى آخر الخبر معناه في صحيح البخاري: ٥ / ٢٤٩ في الشروط: باب الشروط في الجهاد والمصالحة، وهو جزء من خبر صلح الحديبية الطويل.
وقول عروة: " والله ما غسلت عني سوأتك إلا بالامس ": قال ابن هشام في " السيرة " ٢ / ٣١٣: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك من ثقيف، فنهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين، والاحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية، وأصلح ذلك الامر.