للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَقَدْ سَمِعْتُ فِي هَؤُلاَءِ تَأْذِيْنَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ) .

فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَأَذَّنَّا رَجُلاً رَجُلاً، فَكُنْتُ آخِرَهُم، فَقَالَ حِيْنَ أَذَّنْتُ: (تَعَالَ) .

فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي، وَبَارَكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: (اذْهَبْ، فَأَذِّنْ عِنْدَ البَيْتِ الحَرَامِ) .

قُلْتُ: كَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟

فَعَلَّمَنِي الأُوْلَى كَمَا يُؤَذِّنُوْنَ بِهَا، وَفِي الصُّبْحِ: (الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) ، وَعَلَّمَنِي الإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ... ، الحَدِيْثَ (١) .

ابْنُ جُرَيْجٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي مَحْذُوْرَةَ:

أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَيْرِيْزٍ أَخْبَرَهُ - وَكَانَ يَتِيْماً فِي حَجْرِ أَبِي مَحْذُوْرَةَ - حِيْنَ جَهَّزَهُ إِلَى الشَّامِ؛ فَعَلَّمَهُ الأَذَانَ (٢) .

قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ أَبُو مَحْذُوْرَةَ يُؤَذِّنُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، فَبَقِيَ الأَذَانُ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ إِلَى اليَوْمِ بِمَكَّةَ (٣) .

وَأَنْشَدَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ لِبَعْضِهِم:

أَمَا وَرَبِّ الكَعْبَةِ المَسْتُوْرَهْ ... وَمَا تَلاَ مُحَمَّدٌ مِنْ سُوْرَهْ

وَالنَّغَمَاتِ مِنْ أَبِي مَحْذُوْرَهْ ... لأَفْعَلَنَّ فِعْلَةً مَنْكُوْرَهْ

حَاتِمُ بنُ أَبِي صَغِيْرَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:

أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى أَبَا مَحْذُوْرَةَ الأَذَانَ، فَقَدِمَ عُمَرُ، فَنَزَلَ دَارَ النَّدْوَةِ، فَأَذَّنَ، وَأَتَى يُسَلِّمُ، فَقَالَ


(١) حديث صحيح أخرجه أبو داود (٥٠١) في الصلاة: باب كيف الاذان، والنسائي ٢ / ٧، ٨، وأحمد ٣ / ٤٠٨ بهذا الإسناد، وأخرجه الشافعي في " مسنده " ١ / ٥٧، ٥٩،
والدارقطني: ٨٦، والبيهقي: ١ / ٣٩٣ من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن جريج، أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أن عبد الله بن محيريز أخبره عن أبي محذورة، ورواه أحمد ٣ / ٤٠٩، والطحاوي ١ / ٧٨، والدارقطني: ٨٦ من طريق روح بن عبادة، عن ابن جريج، عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة.
(٢) أخرجه الشافعي ١ / ٥٧، ٥٩، وانظر ما تقدم.
(٣) ابن سعد ٥ / ٤٥٠.