مغضبا حتى قرعت الباب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل والرجلان ممن لا شيء له ضمهما إلى من في
يده سعة فينالان من فضل طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين, فلما قرعت الباب قيل: من هذا؟ قلت: عمر. فتبادروا فاختفوا مني, وقد كانوا يقرءون صحيفة بين أيديهم وتركوها أو نسوها، فقامت أختي تفتح الباب، فقلت: يا عدوة نفسها، أصبوت. وضربتها بشيء في يدي على رأسها، فسال الدم وبكت، فقالت: يابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد صبوت. قال: ودخلت حتى جلست على السرير، فنظرت إلى الصحيفة فقلت: ما هذا؟ ناولنيها. قالت: لست من أهلها، أنت لا تطهر من الجنابة، وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون. فما زلت بها حتى ناولتنيها، ففتحتها، فإذا فيها:"بسم الله الرحمن الرحيم", فكلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت منه فألقيت الصحيفة ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها، فإذا فيها:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فذعرت، فقرأت إلى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحديد: ١-٧] ، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله. فخرجوا متبادرين وكبروا، وقالوا: أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الإثنين فقال: "اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك إما أبو جهل وإما عمر". ودلوني على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بأسفل الصفا، فخرجت حتى قرعت الباب، فقالوا: من؟ قلت: ابن الخطاب، وقد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما اجترأ أحد يفتح الباب، حتى قال:"افتحوا له". ففتحوا لي، فأخذ رجلان بعضدي، حتى أتيا بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"خلوا عنه". ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه، ثم قال:"أسلم يابن الخطاب, اللهم اهده". فتشهدت، فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة، وكانوا مستخفين, فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلا رأيته، ولا يصيبني من ذلك شيء، فجئت