للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: لا. قال: فعلى دين قومكم؟ قالوا: لا. قال: فما دينكم؟ قالوا: الإسلام. قال: وما الإسلام؟ قالوا: نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا. قال: من جاءكم بهذا؟ قالوا: جاءنا به رجل منا قد عرفنا وجهه ونسبه، بعثه الله كما بعث الرسل إلى من كان قبلنا، فأمرنا بالبر والصدقة والوفاء والأمانة، ونهانا أن نعبد الأوثان، وأمرنا أن نعبد الله، فصدقناه، وعرفنا كلام الله، فعادانا قومنا وعادوه وكذبوه، وأرادونا على عبادة الأصنام، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا. فقال النجاشي: والله إن خرج هذا الأمر إلا من المشكاة التي خرج منها أمر عيسى. قال: وأما التحية فإن رسولنا أخبرنا أن تحية أهل الجنة السلام، فحييناك بها، وأما عيسى فهو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه وابن العذراء البتول. فخفض النجاشي يده إلى الأرض، وأخذ عودا فقال: والله ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود. فقال عظماء الحبشة: والله لئن سمعت هذا الحبشة لتخلعنك. فقال: والله لا أقول في عيسى غير هذا أبدا، وما أطاع الله الناس فيَّ حين رد إليَّ ملكي، فأنا أطيع الناس في دين الله! معاذ الله من ذلك. وكان أبو النجاشي ملك الحبشة، فمات والنجاشي صبي، فأوصى إلى أخيه أن إليك ملك قومك حتى يبلغ ابني، فإذا بلغ فله الملك. فرغب أخوه في الملك، فباع النجاشي لتاجر، وبادر بإخراجه إلى السفينة، فأخذ الله عمه قعصا فمات، فجاءت الحبشة بالتاجر، وأخذوا النجاشي فملكوه، وزعموا أن التاجر قال: ما لي بد من غلامي أو مالي. قال النجاشي: صدق، ادفعوا إليه ماله. قال: فقال النجاشي حين كلمه جعفر: ردوا إلى هذا هديته -يعني عمرا- والله لو رشوني على هذا دبر

ذهب -والدبر بلغته الجبل- ما قبلته، وقال لجعفر وأصحابه: امكثوا آمنين، وأمر لهم بما يصلحهم من