للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

بَيَّتْنَا هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، فَقَتَلْتُ بِيَدي لَيْلَتَئِذٍ سَبْعَةَ أَهْلِ أَبيَاتٍ (١) .

عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا إِيَاسٌ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

خَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلاَمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِظَهْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجْتُ بِفَرسٍ لِطَلْحَةَ (٢) ، فَأَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُيَيْنَةَ عَلَى الإِبِلِ، فَقَتلَ رَاعِيْهَا، وَطَرَدَ الإِبِلَ هُوَ وَأَنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ، فَقُلْتُ:

يَا رَبَاحُ! اقعُدْ عَلَى هَذَا الفَرَسِ، فَألْحِقْهُ بِطَلْحَةَ، وَأَعْلِمْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ، ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلاَثاً: يَا صَبَاحَاهُ! وَاتَّبَعْتُ القَوْمَ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِم، وَأَعْقِرُ بِهِم، وَذَلِكَ حِيْنَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ، قَعَدْتُ لَهُ فِي أَصلِ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَمَيْتُهُ، وَجَعَلْتُ أَرمِيْهِم، وَأَقُوْلُ:

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ

وَأَصَبتُ رَجُلاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَكُنْتُ إِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا، عَلَوْتُ الجَبلَ، فَرَدَأْتُهُم بِالحِجَارَةِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُم حَتَّى مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَاسْتَنْقَذْتُهُ.

ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيْهِم حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ رُمْحاً، وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا، وَلاَ يُلْقُوْنَ شَيْئاً إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً، وَجَمَعتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا امتَدَّ الضُّحَى، أَتَاهُم عُيَيْنَةُ بنُ بَدْرٍ مَدَداً لَهُم، وَهُم فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ، ثُمَّ عَلَوْتُ الجَبَلَ.

فَقَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا؟

قَالُوا: لَقِيْنَا مِنْ هَذَا البَرْحَ، مَا فَارَقَنَا بِسَحَرٍ


(١) إسناده حسن، وأخرجه أحمد ٤ / ٤٦، وأبو داود (٢٦٣٨) ، وابن ماجه (٢٨٤٠) ، وابن سعد ٤ / ٣٠٥، وفيه عندهم: وكان شعارنا تلك الليلة: أمت أمت.
والتبييت: الطروق ليلا على غفلة للغارة.
ومعنى " أمت ": أمر بالموت.
(٢) في مسلم: وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري..، وفي ابن سعد: وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله كنت أريد ...