للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ (١) .

عَنْ أَبَانَ بنِ تَغْلِبَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا:

أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَتْ لَهُ مِنْهُ وِفَادَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، يُعْطِيهِ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَيَقْضِي لَهُ مائَةَ حَاجَةٍ.

قِيْلَ: إِنَّ أَعْرَابِيّاً قَصَدَ مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، فَعَلَيْكَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.

فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ عَبْدَ اللهِ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:

أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ ... صَلاَتُهُمُ لِلْمُسْلِمِيْنَ طُهُوْرُ

أَبَا جَعْفَرٍ! ضَنَّ الأَمِيْرُ بِمَالِهِ ... وَأَنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ أَمِيْرُ

أَبَا جَعْفَرٍ! يَا ابْنَ الشَّهِيْدِ الَّذِي لَهُ ... جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الجِنَانِ يَطِيرُ

أَبَا جَعْفَرٍ! مَا مِثْلُكَ اليَوْمَ أَرْتَجِي ... فَلاَ تَتْرُكَنِّي بِالفَلاَةِ أَدُوْرُ

فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ! سَارَ الثَّقَلُ، فَعَلَيْك بِالرَّاحِلَةِ بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ (٢) .

وَيُرْوَى: أَنَّ شَاعِراً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، فَأَنْشَدَهُ:

رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ فِي المَنَامِ ... كَسَانِي مِنُ الخَزِّ دُرَّاعَهْ

شَكَوْتُ إِلَى صَاحِبِي أَمْرَهَا ... فَقَالَ: سَتُوْتَى بِهَا السَّاعَهْ

سَيَكْسُوْكَهَا المَاجِدُ الجَعْفَرِيُّ ... وَمَنْ كَفُّهُ الدَّهْرَ نَفَّاعَهْ

وَمَنْ قَالَ لِلْجُودِ: لاَ تَعْدُنِي ... فَقَالَ لَهُ: السَّمْعُ وَالطَّاعَهْ

فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِغُلاَمِهِ: أَعْطِهِ جُبَّتِي الخَزَّ.

ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! كَيْفَ لَمْ تَرَ جُبَّتِي الوَشْيَ؟ اشْتَرَيْتُهَا بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ.

فَقَالَ: أَنَامُ،


(١) أخرجه البخاري ٧ / ٦٢.
(٢) الخبر مع الابيات في ابن عساكر ٩ / ٣٤ ب، ٣٥ آ، وزاد بعد البيت الثاني: أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا * وليس لرحلي فاعلمن بعير