للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟

قَالَ: مِنَ اليَمَنِ.

قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟

قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ.

قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، أَنْتَ هُوَ؟

قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ، وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.

رَوَاهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ - وَهُوَ ثِقَةٌ - عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، لَكِنَّ شُرَحْبِيْلَ أَرْسَلَ الحِكَايَةَ (١) .

وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ:

أَنَّ كَعْباً رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟

قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ.

فَقَالَ: هَذَا حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ (٢) .

وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فَقُلْتُ:

يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ حِكْمَةً.

قَالَ: مَنْ هُوَ؟

قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُوْنَ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ:

أَلاَ أُخْبِرُكُم بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ؟ كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ تُؤْذِيَانِ صَاحِبَهُمَا، وَلاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلاَّ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا، فَسَكَتَ.

فَقَالَ الزُهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ (٣) .

قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: عَلَّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطاً فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ البَهَائِمِ.

فَإِذَا فَتَرَ، مَشَقَ (٤) سَاقَيْهِ سَوْطاً أَوْ سَوْطَيْنِ.

قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتُ الجَنَّةَ عِيَاناً، أَوِ النَّارَ عِيَاناً مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ.


(١) أورده ابن عساكر في تاريخه ٩ / ١٥ ب مطولا.
(٢) ابن عساكر ٩ / ١٦ آ.
(٣) ابن عساكر ٩ / ١٦ ب.
(٤) مشقه: ضربه بسرعة.