للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ:

أَوْقَدَ هَرِمٌ نَاراً، فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَسَلَّمُوا مِنْ بَعِيْدٍ.

قَالَ: ادْنُوا.

قَالُوا: مَا نَقْدِرُ مِنَ النَّارِ.

قَالَ: فَتُرِيْدُوْنَ أَنْ تُلْقُوْنِي فِي نَارٍ أَعْظَمَ مِنْهَا.

أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ: عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ، قَالَ: إِيَّاكُم وَالعَالِمَ الفَاسِقَ.

فَبَلَغَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ - وَأَشْفَقَ مِنْهَا -: مَا العَالِمُ الفَاسِقُ؟

فَكَتَبَ: مَا أَرَدْتُ إِلاَّ الخَيْرَ، يَكُوْنُ إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالعِلْمِ، وَيَعْمَلُ بِالفِسْقِ، وَيُشَبِّهُ عَلَى النَّاسِ، فَيَضِلُّوا.

الوَلِيْدُ بنُ هِشَامٍ القَحْذَمِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:

أَنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ وَجَّهَ هَرِمَ بنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ، فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً (١) .

وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، فَبَيْنَمَا رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى، إِذْ قَالَ هَرِمٌ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ؟

قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَقَدْ رَزَقَنِي اللهُ الإِسْلاَمَ، وَإِنِّي لأَرْجُو.

قَالَ: وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ، ثُمَّ بَعَرَتْنِي، فَاتُّخِذْتُ جُلَّةً (٢) وَلَمْ أُكَابِدِ الحِسَابَ، يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ، وَيْحَكَ! إِنِّي أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الكُبْرَى.

قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ يَقُوْلُ:

مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ، إِلاَّ أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَيْهِ، حَتَّى يَرْزُقَهُ وُدَّهُم.

وَعَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:

مَاتَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَلَمَّا نَفَضُوا أَيْدِيَهُم عَنْ قَبْرِهِ، جَاءتْ سَحَابَةٌ حَتَّى قَامَتْ عَلَى القَبْرِ، فَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَ مِنْهُ، وَلاَ أَقْصَرَ مِنْهُ، وَرَشَّتْهُ حَتَّى رَوَّتْهُ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ.

رَوَاهَا: اثْنَانِ (٣) ، عَنْ هِشَامٍ.


(١) تاريخ خليفة ص ١٥٩.
(٢) الجلة: البعر الذي لم ينكسر، يستعمل في الوقود.
(٣) هما: عبد الواحد بن سليمان البراء، وعمرو بن حمدان أبو النضر، كما في الحلية ٢ / ١٢٢.