للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُمْلُوْكِيُّ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، قَالَ:

دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَفْنَةٌ مِنْ لَحْمٍ، فَقَالَ:

اجْلِسْ، فَكُلْ، فَإِنَّ كَنِيْسَةً فِي نَاحِيَتِنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُهَا مِمَّا ذَبَحُوا لَهَا.

فَأَكَلْتُ مَعَهُ.

فِيْهِ: أَنَّ مَا ذُبِحَ لِمَعْبَدٍ مُبَاحٌ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مَا ذُبِحَ عَلَى نُصُبٍ.

بَقِيَّةُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زُبَيْدٍ الخَوْلاَنِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ:

أَنَّ يَزِيْدَ بنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيْهِ: أَنَّ جُبَيْرَ بنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيْثاً، فَقَدْ تَرَكُوا القُرْآنَ.

قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ، فَجَاءَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيْدَ، فَعَرَفَ بَعْضَهُ، وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْباً أَدَعُكَ لِمَنْ بَعْدَكَ نَكَالاً.

قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، لاَ تَطْغَ فِيَّ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَتْ عِمَادُهَا، وَانْخَسَفَتْ أَوْتَادُهَا، وَأَحَبَّهَا أَصْحَابُهَا.

قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ:

لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ، لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّمَا سَمِعَهُ مِنِّي، لَفَعَلَ، وَلَوْ ضَرَبْتُمُوْهُ، لَضَرَبَكُمُ اللهُ بِقَارِعَةٍ تَتْرُكُ دِيَارَكُم بَلاَقِعَ.

هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ، لَمْ يَكُنْ لِجُبَيْرٍ ذِكْرٌ بَعْدُ فِي زمَنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بَلْ كَانَ شَابّاً يَتَطَلَّبُ العِلْمَ، وَأَيْضاً فَكَانَ يَزِيْدُ فِي آخِرِ مُدَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ طِفْلاً عُمُرُهُ خَمْسُ سِنِيْنَ، وَلَعَلَّ (١) قَدْ جَرَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَمِمَّنْ رَوَى جُبَيْرٌ عَنْهُم: مَالِكُ بنُ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ.

وَكَانَ هُوَ وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِحِمْصَ وَبِدِمَشْقَ.

قَالَ بِتَوْثِيْقِهِمَا غَيْرُ وَاحِدٍ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ


(١) عبارة المؤلف في تاريخ الإسلام ٣ / ١٤٦: ولعل بعضه قد جرى.