للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَاحِيَةِ العَرَبِ، وَأُعْطِيَ الأَمَانَ، فَأَبَى، وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ.

قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ بِقَصْرِ الكُوْفَةِ رَأْسَ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، ثُمَّ رَأْسَ ابْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ رَأْسَ المُخْتَارِ، ثُمَّ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَي عَبْدِ المَلِكِ.

قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً.

وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدْ سَارَ لِيَأْخُذَ الشَّامَ.

فَقَصَدَهُ عَبْدُ المَلِكِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مَلْحَمَةٌ كُبْرَى بِدَيْرِ الجَاثَلِيْقِ، بِقُرْبِ أَوَانَا (١) ، وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ المَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الوُجُوْهِ، يُمَنِّيْهِمْ وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ العِرَاقِ، وَإِمْرَةَ العَجَمِ، فَأَجَابُوْهُ، إِلاَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ، فَأَتَى مُصْعَباً بِكِتَابِهِ، وَفِيْهِ: إِنْ بَايَعْتَنِي، وَلَّيْتُكَ العِرَاقَ.

وَقَالَ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَأَطِعْنِي، وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ.

قَالَ: إِذاً تَغْضَبُ عَشَائِرُهُمْ.

قَالَ: فَاسْجُنْهُم.

قَالَ: فَإِنِّي لَفِي شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ، يَرْحَمُ اللهُ الأَحْنَفَ، إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ العِرَاقِيِّيْنَ.

وَقِيْلَ: قَالَ لَهُم قَيْسُ بنُ الهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ! لاَ تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُم مَنَازِلَكُم.

وَأَشَارَ ابْنُ الأَشْتَرِ بِقَتْلِ زِيَادِ بنِ عَمْرٍو، وَمَالكِ بنِ مِسْمَعٍ.

فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ، لَحِقُوا بِعَبْدِ المَلِكِ، وَهَرَبَ عَتَّابُ بنُ وَرْقَاءَ، وَخَذَلُوا مُصْعَباً (٢) .

فَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ (٣) :


= " تاريخ بغداد " ١٣ / ١٠٦ وما بين حاصرتين منه، للايضاح.
والخبر في " الاغاني " ط الدار ١٩ / ١٣١ وفيه (عاصم) بدل (عامر) والصحيح هو عبد الله بن عامر بن كريز.
(١) دير الجاثليق: دير قديم رحب الفناء من ناحية مسكن قرب بغداد في غربي دجلة، وهو رأس الحد بين السواد وأرض تكريت.
وأوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرا ما يذكرها الخلعاء في أشعارهم. اه. معجم البلدان.
(٢) انظر التفاصيل في " الموفقيات " ص ٥٥٧ وما بعدها، و" الاغاني " ط الدار ١٩ / ١٢٣ وما بعدها.
(٣) الأبيات في " الموفقيات " ص ٥٣٣ و" الكامل " ١ / ٢٧١ و٢٧٢ وروايته: " بالطف يوم الطف شيعة " و" الاغاني " ط الدار ٩ / ١٢٨ وروايته: " تالله لو كانت له " و" لوجد تموه حين يدلج " و" معجم البلدان " مادة (مسكن) وروايته: " حين يعدو لا يعرس بالمضيعة " =