للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَتَكَلَّمَ، جَهَشَهُ البُكَاءُ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِيَ.

وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ قُوْتُ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ رَغِيْفاً كُلَّ يَوْمٍ.

وَقَالَ أَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ: وَكَانَ لِلْعَلاَءِ بنِ زِيَادٍ مَالٌ وَرَقِيْقٌ، فَأَعْتَقَ بَعْضَهُم، وَبَاعَ بَعْضَهُم، وَتَعَبَّدَ، وَبَالَغَ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ للهِ، لَعَلَّهُ يَرْحَمُنِي (١) .

وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَقَالَ:

أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فَقَالَ: ائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَقُلْ لَهُ: لِمَ تَبْكِي؟ قَدْ غُفِرَ لَكَ.

قَالَ: فَبَكَى، وَقَالَ: الآنَ حِيْنَ لاَ أَهْدَأُ.

وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ سَعِيْدٍ: رُؤِيَ العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَمَكَثَ ثَلاَثاً لاَ تَرْقَأُ لَهُ دَمْعَةٌ، وَلاَ يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَذُوْقُ طَعَاماً.

فَأَتَاهُ الحَسَنُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أَتَقْتُلُ نَفْسَكَ أَنْ بُشِّرْتَ بِالجَنَّةِ!

فَازْدَادَ بُكَاءً، فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى أَمْسَى، وَكَانَ صَائِماً، فَطَعِمَ شَيْئاً.

رَوَاهَا: عُبَيْدُ اللهِ العَنْسِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ.

جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ، وَسَأَلَ هِشَامَ بنَ زِيَادٍ العَدَوِيَّ، فَقَالَ:

تَجَهَّزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِلْحَجِّ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ: ائْتِ البَصْرَةَ، فَائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، أَقْصَمُ الثَّنِيَّةِ، بَسَّامٌ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ.

فَقَالَ: رُؤْيَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ.

فَأَتَاهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ، وَجَاءهُ بِوَعِيْدٍ، فَأَصْبَحَ، وَتَجَهَّزَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البُيُوْتِ، إِذَا الَّذِي أَتَاهُ فِي مَنَامَهِ يَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا نَزَلَ فَقَدَهُ.

قَالَ: فَجَاءَ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ العَلاَءِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ العَلاَءُ؟

قُلْتُ: لاَ، انْزِلْ - رَحِمَكَ اللهُ - فَضَعْ رَحْلَكَ.

قَالَ: لاَ، أَيْنَ العَلاَءُ؟

قُلْتُ: فِي المَسْجِدِ.

فَجَاءَ العَلاَءُ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ، تَبَسَّمَ، فَبَدَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَقَالَ: هَذَا - وَالله - هُوَ.

فَقَالَ العَلاَءُ: هَلاَّ حَطَطْتَ رَحْلَ


(١) انظر الحلية ٢ / ٢٤٣.