للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس فيهم. وقد أوذي المزي بسبب ذلك (١) ، وحرم الذهبي بسبب آرائه من تولي أكبر دار للحديث بدمشق، هي دار الحديث الأشرفية (٢) التي شغرت مشيختها بعد وفاة رفيقه المزي سنة ٧٤٢ هـ، فأشار قاضي القضاة علي بن عبد الكافي السبكي أن يعين الذهبي لها، فتكلم الشافعية بأن الذهبي ليس بأشعري، وأن المزي ما وليها إلا بعد أن كتب بخطه، وأشهد على نفسه بأنه أشعري، واتسع النقاش بينهم، ورفض الشافعية أن يتولاها الذهبي بعد أن جمعهم نائب الشام ألطنبغا بالرغم من إلحاح السبكي، ولم يحسم الأمر إلا بتولية السبكي نفسه (٣) .

ثم أثرت صلة الذهبي بابن تيمية فيما اختصر (٤) أو ألف (٥) من كتب، وفي بلورة بعض آرائه، وحبه للحنابلة (٦) ، وموقفه من بعض المتصوفة (٧) ولا سيما طائفة الأحمدية، أتباع الشيخ أحمد الرفاعي (٨) . وهو يذكر


(١) من ذلك ما حدث سنة ٧٠٥ هـ حينما وقعت المناظرة بين ابن تيمية والشافعية فقرأ الشيخ جمال الدين المزي فصلا بالرد على الجهمية من كتاب خلق أفعال العباد للبخاري تحت قبة النسر بعد قراءة ميعاد البخاري، فغضب بعض الفقهاء الحاضرين، وشكاة إلى القاضي الشافعي ابن صصرى، وكان من أعداء ابن تيمية، فأمر بسجن المزي، ولما بلغ ابن تيمية ذلك، تألم كثيرا، وذهب إلى السجن، فأخرجه منه بنفسه، فغضب نائب دمشق فأعيد المزي، ثم أفرج عنه.
ابن كثير: " البداية " ١٤ / ٣٧، ابن حجر: " الدرر " ٥ / ٢٣٤) .
(٢) منسوبة إلى الملك الأشرف ومظفر الدين موسى ابن العادل الأيوبي، ابتدأ عمارتها سنة ٦٢٨ هـ، وافتتحت سنة ٦٣٠ هـ، وأول من وليها محدث عصره الشيخ تقي الدين ابن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ هـ انظر الذهبي: " تاريخ الإسلام "، الورقة ٢٤٣ (أيا صوفيا ٣٠١٢) ، والنعيمي: " تنبيه الدارس " ١ / ١٩ فما بعد.
(٣) السبكي: " طبقات الشافعية "، ٦ / ١٧١ ١٧٠ (القاهرة ١٣٢٤) ، ابن قاضي شهبة: " طبقات الشافعية "، الورقة ١٠٥ (أحمد الثالث ٢٨٣٦) .
(٤) من ذلك مثلا " المنتقى من منهاج الاعتدال لشيخه ابن تيمية (وانظر القسم الخاص بكتبه) .
(٥) من ذلك مثلا كتاب " العلو " (وانظر القسم الخاص بكتبه) .
(٦) الذهبي: " معجم الشيوخ " م ١ ورقة ٤.
(٧) قال في ترجمة شيخه بهاء الدين أبي المحاسن عبد المحسن بن محمد المعروف بابن العديم المتوفى سنة ٧٠٤ هـ: " وكان يدخل في ترهات الصوفية " " معجم الشيوخ "، م ١ الورقة ٨٥.
(٨) قال في ترجمة ثعلب بن جامع الصعيدي الأحمدي الباز دار المتوفى سنة ٧٢٥ هـ: " كان من كبار الأحمدية، وله أتباع، ثم أنه تاب وترك تلك الرعونات " " معجم الشيوخ " م ١ الورقة ٤٠.