السماء الخامسة، فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء، تكاد لحيته تصيب سرته من طولها، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه، هذا هارون بن عمران، ومعه نفر من قومه. فسلمت عليه، ثم صعدت إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى رجل آدم كثير الشعر، لو كان عليه قميصان لنفذ شعره دون القميص، وإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني. قلت: من هذا؟ قال: موسى
ثم صعدت السابعة، فإذا أنا بإبراهيم، ساند ظهره إلى البيت المعمور، فدخلته ودخل معي طائفة من أمتي، عليهم ثياب بيض، ثم دفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري، يقال لها سلسبيل، فيشق منها نهران، أحدهما الكوثر والآخر نهر الرحمة، فاغتسلت فيه، فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، ثم إني دفعت إلى الجنة، فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لزيد بن حارثة. ثم عرضت علي النار، ثم أغلقت، ثم إني دفعت إلى سدرة المنتهى فتغشى لي، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، قال: ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة، وفرضت علي الصلاة خمسين، ثم دفعت إلى موسى" -فذكر مراجعته في التخفيف. أنا اختصرت ذلك وغيره إلى أن قال- فقلت: "رجعت إلى ربي حتى استحييته".
ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب، فقال: إني أتيت البارحة بيت المقدس، وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا، ورأيت كذا، فقال أبو جهل: ألا تعجبون مما يقول محمد، وذكر الحديث.
هذا حديث غريب عجيب حذفت نحو النصف منه، رواه يحيى بن أبي طالب، عن عبد الوهاب، وهو صدوق، عن راشد الحماني، وهو مشهور، روى عنه حماد بن زيد، وابن المبارك، وقال أبو