للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي طَاوُوْسٌ:

تَزَوَّجْ، أَوْ لأَقُوْلَنَّ لَكَ مَا قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لأَبِي الزَّوَائِدِ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ النِّكَاحِ إِلاَّ عَجْزٌ أَوْ فُجُوْرٌ.

ابْنُ طَاوُوْسٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

البُخْلُ: أَنْ يَبْخَلَ الرَّجُلُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَالشُحُّ: أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ.

مَعْمَرٌ: عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ رُبَّمَا يُدَاوِي المَجَانِيْنَ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيْلَةٌ، فَجُنَّتْ، فَجِيْءَ بِهَا إِلَيْهِ، فَتُرِكَتْ عِنْدَهُ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلتْ مِنْهُ.

فَجَاءهُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إِنْ عُلِمَ بِهَا، افْتَضَحْتَ، فَاقْتُلْهَا، وَادْفِنْهَا فِي بَيْتِكَ.

فَقَتَلَهَا، وَدَفَنَهَا، فَجَاءَ أَهْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ يَسْأَلُوْنَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: مَاتَتْ.

فَلَمْ يَتَّهِمُوْهُ لِصَلاَحِهِ، فَجَاءهُمُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ:

إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ، وَلَكِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلتْ مِنْهُ، فَقَتَلَهَا، وَدَفَنَهَا فِي بَيْتِهِ.

فَجَاءَ أَهْلُهَا، فَقَالُوا: مَا نَتَّهِمُكَ، وَلَكِنْ أَيْنَ دَفَنْتَهَا؟ أَخْبِرْنَا، وَمَنْ كَانَ مَعَكَ؟

فَنَبَشُوا بَيْتَهُ، فَوَجَدُوْهَا، فَأُخِذَ، فَسُجِنَ.

فَجَاءهُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ أَنْ أُخْرِجَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيْهِ، فَاكْفُرْ بِاللهِ.

فَأَطَاعَهُ، فَكَفَرَ، فَقُتِلَ، فَتَبَرَّأَ مِنْهُ الشَّيْطَان حِيْنَئِذٍ.

قَالَ طَاوُوْسٌ: فَلاَ أَعْلَمُ إِلاَّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيْهِ: {كَمَثِلَ الشَّيْطَانُ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ: اكْفُرْ} الآيَة [الحَشْرُ: ١٦] ، أَوْ بِمِثْلِهِ (١) .

عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ:

رَأَيْت طَاوُوْساً وَأَصْحَابَهُ إِذَا صَلُّوُا العَصْرَ، اسْتَقْبَلُوا القِبْلَةَ، وَلَمْ يُكَلِّمُوا أَحَداً، وَابْتَهَلُوا بِالدُّعَاءِ.


(١) قال ابن جرير في تفسير الآية ٢٨ / ٤٩: يقول تعالى ذكره: مثل هؤلاء المنافقين الذين وعدوا اليهود من النضير النصرة إن قوتلوا، أو الخروج معهم إن أخرجوا، ومثل النضير في غرورهم إياهم بإخلافهم الوعد، وإسلامهم إياهم عند شدة حاجتهم إليهم، وإلى نصرتهم إياهم، كمثل الشيطان الذي غر إنسانا، ووعده على اتباعه وكفره بالله النصرة عند الحاجة، فكفر بالله، واتبعه وأطاعه، فلما احتاج إلى نصرته، أسلمه وتبرأ منه، وقال له: إني أخاف الله رب العالمين، في نصرتك.
والقصة التي أوردها المؤلف هي كما قال ابن كثير - كالمثال لهذا المثل، لاأنها المرادة وحدها بالمثل، بل هي منه مع غيرها من الوقائع المشاكلة لها.