للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَخْتَلِفُ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، يَسْمَعُ مِنْهُ العِلْمَ، فَبَلَغَ عُبَيْدَ اللهِ أَنَّ عُمَرَ يَتَنَقَّصُ عَلِيّاً، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:

مَتَى بَلَغَكَ أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- سَخِطَ عَلَى أَهْل بَدْرٍ بَعْدَ أَنْ رَضِيَ عَنْهُم؟

قَالَ: فَعَرَفَ مَا أَرَادَ، فَقَالَ: مَعْذِرَةً إِلَى اللهِ وَإِلَيْكَ، لاَ أَعُوْدُ.

فَمَا سُمِعَ عُمَرُ بَعْدَهَا ذَاكِراً عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلاَّ بِخَيْرٍ.

نَقَلَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنِ العُتْبِيِّ:

أَنَّ أَوَّلَ مَا اسْتُبِيْنَ مِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ أَنَّ أَبَاهُ وَلِيَ مِصْرَ، وَهُوَ حَدِيْثُ السِّنِّ، يُشَكُّ فِي بُلُوْغِهِ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَهُ، فَقَالَ:

يَا أَبَتِ، أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُوْنَ أَنْفَعَ لِي وَلَكَ: تُرَحِّلُنِي إِلَى المَدِيْنَةِ، فَأَقْعُدَ إِلَى فُقَهَاءِ أَهْلِهَا، وَأَتَأَدَّبَ بِآدَابِهِم.

فَوَجَّهَهُ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَاشْتُهِرَ بِهَا بِالعِلْمِ وَالعَقْلِ مَعَ حَدَاثَةِ سِنِّهِ.

قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِيْهِ، وَخَلَطَهُ بِوَلَدِهِ، وَقَدَّمَهُ عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهُم، وَزَوَّجَهُ بَابْنَتِهِ فَاطِمَةَ الَّتِي قِيْلَ فِيْهَا:

بِنْتُ الخَلِيْفَةِ، وَالخَلِيْفَةُ جَدُّهَا ... أُخْتُ الخَلاَئِفِ، وَالخَلِيْفَةُ زَوْجُهَا

وَكَانَ الَّذِيْنَ يَعِيْبُوْنَ عُمَرَ مِمَّنْ يَحْسُدُهُ بِإِفْرَاطِهِ فِي النِّعْمَةِ، وَاخْتِيَالِهِ فِي المِشْيَةِ.

وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: وَلِيَ عُمَرُ المَدِيْنَةَ فِي إِمْرَةِ الوَلِيْدِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.

قُلْتُ: لَيْسَ لَهُ آثَارٌ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَلاَ سَمَاعٌ مِنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَلَوْ كَانَ بِهَا وَهُوَ حَدَثٌ، لأَخَذَ عَنْ جَابِرٍ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَوَّلُهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ.