للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَدَائِنِيُّ: عَنْ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، عَنْ هِزَّانَ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، قَالَ:

لَمَّا ثَقُلَ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، رَآنِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي الدَّارِ، أَخْرُجُ، وَأَدْخُلُ، وَأَتَرَدَّدُ، فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، أُذَكِّرُكَ اللهَ وَالإِسْلاَمَ أَنْ تَذْكُرَنِي لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، أَوْ تُشِيْرَ بِي، فَوَاللهِ مَا أَقْوَى عَلَى هَذَا الأَمْرِ.

فَانْتَهَرْتُهُ، وَقُلْتُ: إِنَّكَ لَحَرِيْصٌ عَلَى الخِلاَفَةِ.

فَاسْتَحْيَى، وَدَخَلْتُ، فَقَالَ لِي سُلَيْمَانُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ؟

فَقُلْتُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ قَادِمٌ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- وَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، وَمَا صَنَعْتَ فِيْهِ.

قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟

قُلْتُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.

قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِعَهْدِ عَبْدِ المَلِكِ إِلَى الوَلِيْدِ، وَإِلَيَّ فِي ابْنَيْ عَاتِكَةَ، أَيُّهُمَا بَقِيَ؟

قُلْتُ: تَجْعَلُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

قَالَ: أَصَبْتَ، جِئْنِي بِصَحِيْفَةٍ.

فَأَتَيْتُهُ بِصَحِيْفَةٍ، فَكَتَبَ عَهْدَ عُمَرَ وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ مِنْ بَعْدُ، ثُمَّ دَعَوْتُ رِجَالاً، فَدَخَلُوا، فَقَالَ: عَهْدِي فِي هَذِهِ الصَّحِيْفَةِ مَعَ رَجَاءٍ، اشْهَدُوا وَاخْتِمُوا الصَّحِيْفَةَ.

قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَكَفَفْتُ النِّسَاءَ عَنِ الصِّيَاحِ، وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟

قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ مُنْذُ اشْتَكَى أَسْكَنَ مِنْهُ السَّاعَةَ.

قَالُوا: للهِ الحَمْدُ.

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ دَابِقَ، وَكَانَ مُجْتَمَعَ غَزْوِ النَّاسِ، فَمَاتَ سُلَيْمَانُ بِدَابِقَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ صَاحِبُ أَمْرِهِ وَمَشُوْرَتِهِ، خَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَأَعْلَمَهُمْ بِمَوْتِهِ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ:

إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ كِتَاباً، وَعَهِدَ عَهْداً - وَأَعْلَمَهُم بِمَوْتِهِ - أَفَسَامِعُوْنَ أَنْتُم مُطِيْعُوْنَ؟

قَالُوا: نَعَمْ.

وَقَالَ هِشَامٌ: نَسْمَعُ وَنُطِيْعُ إِنْ كَانَ فِيْهِ اسْتِخْلاَفُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ المَلِكِ.

قَالَ: وَيَجْذِبُهُ النَّاسُ حَتَّى سَقَطَ إِلَى الأَرْضِ، وَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

فَقَالَ رَجَاءٌ: قُمْ يَا عُمَرُ - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ -.

فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لأَمْرٌ مَا سَأَلْتُهُ اللهَ قَطُّ.


= ساقط لعدم ثقتهم، وخبر مسلمة بن مصقلة كالخرافة، وخبر رياح كالريح، قال: وما عدا ذلك كله من الاخبار كلها واهية الصدور والاعجاز لا يخلو حالها من أحد أمرين، إما أن تكون أدخلت على الثقات استغفالا ويكون بعضهم تعمد ذلك، وقد قال تعالى: (وما جعلنا لبشر بن قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) [الأنبياء: ٣٤] .