للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَجْمَعُ كُلَّ لَيْلَةٍ الفُقَهَاءَ، فَيَتَذَاكَرُوْنَ المَوْتَ وَالقِيَامَةَ وَالآخِرَةَ، وَيَبْكُوْنَ.

وَقِيْلَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى رَجُلٍ:

إِنَّكَ إِنِ اسْتَشْعَرْتَ ذِكْرَ المَوْتِ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، بَغَّضَ إِلَيْكَ كُلَّ فَانٍ، وَحَبَّبَ إِلَيْكَ كُلَّ بَاقٍ، وَالسَّلاَمُ.

وَمِنْ شِعْرِهِ:

مَنْ كَانَ حِيْنَ تُصِيْبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ ... أَوِ الغُبَارُ يَخَافُ الشَّيْنَ وَالشَّعَثَا

وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ ... فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْماً رَاغِماً جَدَثَا

فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ غَبْرَاءَ مُوْحِشَةٍ ... يُطِيْلُ فِي قَعْرِهَا تَحْتَ الثَّرَى اللَّبَثَا

تَجَهَّزِي بِجِهَازٍ تَبْلُغِيْنَ بِهِ ... يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا

قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، اضْطَرَبَتْ أَوْصَالُهُ.

وَمِمَّا رُوِيَ لَهُ:

وَلاَ خَيْرَ فِي عَيْشِ امْرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... مِنَ اللهِ فِي دَارِ القَرَارِ نَصِيْبُ

فَإِنْ تُعْجِبِ الدُّنْيَا أُنَاساً فَإِنَّهَا ... مَتَاعٌ قَلِيْلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيْبُ

وَمِمَّا رُوِيَ لَهُ:

أَيَقْظَانُ أَنْتَ اليَوْمَ؟ أَمْ أَنْتَ نَائِمُ؟ ... وَكَيْفَ يُطِيْقُ النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ؟

فَلَوْ كُنْتَ يَقْظَانَ الغَدَاةَ، لَخَرَّقَتْ ... مَدَامِعَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوْعُ السَّوَاجِمُ

تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى، وَتَفْرَحُ بِالمُنَى ... كَمَا اغْتَرَّ بِاللَّذَاتِ فِي اليَوْمِ حَالِمُ

نَهَارُكَ يَا مَغْرُوْرُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لاَزِمُ

وَسَعْيُكَ فِيْمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ ... كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيْشُ البَهَائِمُ

وَعَنْ وُهَيْبِ بنِ الوَرْدِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَمَثَّلُ كَثِيْراً بِهَذِهِ: